191

============================================================

ذكر موسى عليه الشلام العرش وإذا نظر أسفل منه رأى ما بينه وما تحت الثرى، وإن موسى لما نزل الموضع الذي بقي فيه من التيه خافه أهل بلقاء فكان عليهم ملك يقال له: بالقي فبعث إلى بلعم وقال له: إن موسى قد قصدنا وقد خفناه وقومه، وإنا إن هلكنا لم يكن لك بعدنا بقاء فإنك رجل منا وأنت مستجاب الدعوة فادع ربك ليمنعهم عتا ويكف عنا شرهم، فقال بلعم: إن هذا الرجل نبي الله تعالى ومعه المؤمنون فكيف أدعو عليه فعاودوه مرارا حتى آيسوا منه فكانت له امرأة جميلة يحبها ويطبها فدسوا إليها بالهدايا، ثم سألوها أن تتكلم مع بلعم في ذلك الأمر، فقالت لبلعم: إن لهؤلاء القوم حرمة وجوارا، وقد نزل بهم ما ترى فيجب أن لا تتخذ لهم مع ما كانوا إلينا محسنين فيجب أن تكافتهم فأبى، فما زالت تراجعه حتى أطاعها فركب حماره متوجها إلى الجبل الذي يطلع على عسكر بني إسرائيل فلما سار قليلا حرن حماره ولم يتمش فضربه فلم يتمش ثم أنطقه الله تعالى فقال لبلعم: اني مأمور فلا تظلمني؟ قال: ومن يأمرك؟ قال: الملائكة تضرب وجهي فرجع بلعم وأخبر امرأته ثم إن القوم عاودوا امرأته وعاودته فركب حماره وذهب فلما انتهى إلى شعب انضم الشعب عليه فلم يجد مسلكا فرجع وأخبر امرأته ثم إن القوم عاودوا امرأته وعاودته فركب حماره ولم يمنعه مانع فخرج ماشيا حتى أشرف على الجبل فنظر إلى بني اسرائيل وجعل يدعو عليهم وقال بعض الرواة: إنه دعا الله تعالى أن يصرف بني إسرائيل عن قومه فاستجاب الله تعالى دعاءه، فلما هم موسى بالدخول منع فسأل ربه عن ذلك فقال له: إن عبذا من عبادي دعا أن أصرفك وقومك عنهم فقال موسى: وأنا عبدك ورسولك فاستجب دعائي فيه كما استجبت دعاءه فينا فقال الله تعالى: فعلت، فقال موسى يا رب انزع عنه أفضل ما أعطيته فاستجاب الله تعالى دعاءه فنزع عن بلعم المعرفة ويقال كان بلعم أول من أنكر في الصانع والله أعلم، وفي رواية أخرى أن بلعم لما أراد الدعاء على موسى حرف الله تعالى لسانه فكلما أراد الدعاء على موسى رد الله تعالى لسانه بالدعاء على قومه وكلما أراد الدعاء بالخير لقومه صرف الله تعالى لسانه إلى بني اسرائيل فسأل الخير لهم وكان معه قومه فقالوا له يا بلعم فإنك تسأل الخير لهم والسوء لنا، فقال هذا الشيء لا أملكه فاندلع لسانه من رأسه فلم يستطع الدعاء ويقال جاءته صاعقة فذهبت ببصره فقال عند ذلك إني لا أملك الدعاء ولكني سأحتال لكم حيلة قال قومه: وما هي؟ قال: انظروا لنا نساء لهن جمال فابعثوهن مع السلع إلى بني إسرائيل وقولوا لهن أن لا يمتنعن عن رجل أرادهن فإنه إن دنا منهن رجل واحذ كفيتموهم ففعلوا فلما دخل النساء عسكر موسى مرت امرأة منهن على رجلي من بني إسرائيل فأعجبته فقام الرجل وأخذ بيدها ودخل بها قبة فوقع عليها فأرسل الله تعالى الطاعون على بني إسرائيل وكان فنحاص بن عيزار بن هارون صاحب آمر موسى وكان رجلا ذا بسطة من الخلق وذا

Shafi 191