وكذلك في مصر كان محمَّد علي باشا راغبًا في نشر المعارف فاستعاد الأدوات الطبعيّة التي كان الفرنسويّ مرسال اتخذها في أيام بونابرت وأنشأ مطبعة بولاق الشهيرة سنة ١٨٢٢ وكان أوَّل كتاب طُبع في تلك السنة قاموس إيطاليانيّ عربيّ وأُردف في السنة التالية بكتاب قانون صباغة الحرير. ومطبوعات بورق إلى سنة ١٨٣٠ تربي على الخمسين في اللغات الثلاث العربيَّة والتركية والفارسية إلاَّ أنَّ الكتب العربية المهمَّة لم تُطبع إلاَّ بعد هذه المدَّة وإنَّما جَددَت في الغالب المطبوعات المنشورة في الآستانة.
وما يُقال إجمالًا في هذا القسم الأول من القرن التاسع عشر إنَّ الذين اشتهروا فيهِ كانوا أبناء أنفسهم لم يتعلَّموا في مدارس منظَّمة بل نبغوا بشغلهم الخاصّ تحت نظارة بعض الأفراد الذين سبقوهم في دواوين الكتابة ودوائر الإنشاء.
التاريخ
ونبتدئ هنا بذكر الكتَبة الذين وقفوا نفوسهم على تصنيف التاريخ فنقول: انحصر التاريخ بين أدباء المسلمين في بعض الأفراد الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد فذكرنا منهم (ص٤) الشيخين عبد الله الشرقاويّ وحسين ابن عبد الهادي. وممَّن يضاف إليهما السيّد إسماعيل بن سعد الشهير بالخشّاب المتوفى في ٢ - ذي الحجَّة سنة ١٢٣٠ (١٨١٥) كان مولعًا بالدروس الأدبية وأخبر الجبرتي في تاريخهِ (٤:٢٣٨) (إنّ الفرنساويَّة عيَّنوه في كتابة التاريخ لحوادث الديوان وما يقع فيهِ كلَّ يوم لانَّ القوم كان لهم مزيد اعتناء بضبط الحوادث اليوميّة في جميع دواوينهم وأماكن أحكامهم ثم يجمعون المتفرّق في ملخَّص يُرفع في سجلّهم بعد أن يطبعوا منهُ نسخًا عديدة يوزَعونها في جميع الجيش حتَّى لمن يكون منهم في غير المصر في قرى الأرياف فتجد أخبار الأمس معلومة للجليل والحقير منهم. فلمَّا رتَّبوا ذلك الديوان كما ذُكر كان هو المتقيّد برقم كلّ ما يصدر في المجلس من أمر أو نهي أو خطاب أو جواب أو خطأ أو صواب وقرَّروا لهُ في كل شهر سبعة آلاف نصف فضَّة فلم يزل متقيّدًا في تلك الوظيفة مدَّة ولاية عبد الله جاك منو (Menou) حتى ارتحلوا من الإقليم) فهذه كما ترى جريدة يوميَّة وهي أوَّل جريدة ظهرت في العربية وكان الجبرتي رأَى منها عدَّة
1 / 20