المستشرقين وإمامهم البارون سلوستر دي ساسي الذي سنعود إلى ذكره الطيّب قريبًا والآخر لويس لنغلاي (L. T. Langles) (١٧٦٣ - ١٨٢٤) وكان من أساتذة اللغات الهنديَّة أَلف فيها التآليف المفيدة التي نُشرت بالطبع وعُني بنشر التآليف العربيَّة ولهُ رحلةٌ إلى بلاد الشام وفلسطين ومصر طُبعت سنة ١٧٩٩.
وممَّا ساعد على نهضة الآداب الشرقية في أواخر القرن التاسع عشر بعد هبوطها الجمعيَّات الأسيويَّة كان الفضل في تشكيل أوَّل جمعية منها في باتافيا من أعمال الهند الهولنديَّة سنة ١٧٧٨ لكنَّها كانت تقتصر على ما يختصّ بالمستعمرات الهولنديَّة. ثمَّ أنشأ أحد الإنكليز وهو سير وليم جونس (١٧٤٣ - ١٧٩٥) جمعية آسيويَّة عمومية في كلكوتة سنة ١٧٨٤ فنجحت نجاحًا عظيمًا. وكان منشئها من أفاضل المستشرقين لهُ عدَّة تآليف في فنون العلوم الشرقية من جملتها شرح المعلَّقات في الإنكليزية. وعلى مثال هذه الجمعيَّة عُقدت محافل آسيويَّة أُخرى في الهند لا سيَّما محفل بنغالي سنة ١٧٨٨. وهذه النوادي العلميَّة لم تبلغ ما بلغتهُ محافل القرن التاسع عشر الوارد ذكرها لكنَّها أفادت بما نشرتهُ من المصنَّفات الأدبية والصناعيَّة والتاريخيَّة والعلميَّة في مجلاَّت كانت تظهر في أوقات معلومة والبعض منها لم يزل طبعها جاريًا حتى الآن.
أما المستشرقون الذين نالوا لهم بعض الشهرة في خاتمة القرن الثامن عشر فكانوا من الافرنسيين يوسف دي غيني (J. De Guignes) (١٧٢١ - ١٨٠٠) مدرّس اللغة السريانية في مكتب باريس العلمي ومؤلف تاريخ واسع للتتر والمغول والترك في خمسة مجلدات ضخمة. ثم انكيتل دبرون (Anquetil - Duperron) (١٧٣١ - ١٨٠٥) درس وهو شاب اللغات الشرقية ثم ساح في أطراف الشرق وجمع المخطوطات الهندية الجليلة ونشر تآليف عديدة في أخبار الهند وآثار الهنود والفرس والعرب وهو أول من نقل كتاب زرادشت المعروف بزند اوستا إلى الافرنسية وبعض كتب البد (Vedas) وله مقالات عديدة في مجلة العلماء. ومنهم المستشرق هربان (A. Herbin) (١٧٨٣ - ١٨٠٦) كتب في أصول اللغة العربية العلمية وألف معجمين عربي فرنسوي وفرنسوي عربي وكتب في الموسيقى عند قدماء العرب وفي آداب الفرس.
وكان قبل ذلك بعشر سنوات توفى مستشرق كبير من كهنة فرنسة الخوري
1 / 14