Ilimi da Tarbiyya a Musulunci
التربية والتعليم في الإسلام
Nau'ikan
لما أبصره يحمل القوس قال له: من أين لك هذه القوس؟ فقال: أعطانيها رجل ممن يستقرئونني. فقال رسول الله: ارددها وإلا فقوس من النار. وقال أيضا في حديث آخر: «اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به ولا تراءوا ولا تسمعوا به.» فهذان الحديثان يخالفان حديث ابن عباس، والحقيقة أنه لا خلاف، فإن الرسول في الحديث الأول بين لنا جواز أخذ الأجرة على التعليم إلا إذا كان المتعلم فقيرا أو أنه لا يملك إلا شيئا قليلا كصاحب القوس؛ فإنه لا يجوز أخذ الأجرة منه مقابل تعليمه، كما أنه يحرم أخذ شيء من المتعلم إذا كان لا يعلم شيئا من القرآن أو أنه إنما يريد بتعلمه الاهتداء إلى الدين الحنيف، وإلا فإن الأجر على التعليم مباح لا بأس به، كما أن الأجر على الأذان وإقامة الصلاة والإمامة والقضاء وغيرها من الأمور الشرعية مباح، إلا إذا تعمد القائم بها أن لا يقوم إذا لم يدفع له أجره. قال القابسي: إن أئمة المسلمين في صدر هذه الأمة ما فيهم إلا من قد نظر في جميع أمور المسلمين بما يصلحهم في الخاصة والعامة، فلم يبلغنا عن أحد منهم أنه أقام معلمين يعلمون للناس أولادهم من صغرهم في الكتاتيب ويجعلون لهم على ذلك نصيبا من مال الله عز وجل، كما صنعوا لمن كلفوه القيام للمسلمين في النظر بينهم في أحكامهم والأذان لهم في مساجدهم مع سائر ما جعلوه حفظا لأمور المسلمين وحيطة عليهم، وما يمكن أن يكونوا أغفلوا شأن معلم الصبيان، ولكنهم - والله أعلم - رأوا أنه شيء مما يختص أمره كل إنسان في نفسه؛ إذ كان ما يعلمه المرء ولده فهو من صلاح نفسه المختص به، فأبقوه عملا من عمل الآباء الذي لا ينبغي أن يحمله غيرهم إذا كانوا مطيقيه.
ولما ترك أئمة المسلمين النظر في هذا الأمر، وكان حتما لا بد للمسلمين أن يفعلوه في أولادهم ولا تطيب نفسهم إلا على ذلك، واتخذوا لأولادهم معلما يختص بهم ويداويهم ويرعاهم حسب ما يرعى المعلم صبيانه، وتعذر أن يمكن أن يوجد من الناس من يتطوع للمسلمين أن يستأجروا من يكفيهم تعليم أولادهم ... ويكون هذا المعلم قد حمل عن آباء الصبيان مئونة تأديبهم وتبصيرهم استقامة أحوالهم وما ينمي لهم في الخير أفهامهم، ويبعد عنهم في الشر مآلهم، وهذه عناية لا يكثر المتطوعون بها، ولو انتظر من يتطوع بمعالجة تعليم الصبيان القرآن لضاع كثير من الصبيان ... ولقد ذكر الحارث بن مسكين في تاريخ سنة ثلاث وسبعين أخبرنا ابن وهب قال سمعت مالكا يقول: كل من أدركت من أهل العلم لا يرى بأجر المعلمين - معلمي الكتاتيب - بأسا ...
67
فأنت ترى أن القوم قد ناقشوا هذه القضية مناقشة عقلية وتربوية منذ زمن، وأبانوا ضرورة وجود المعلمين وأباحوا لهم تناول الأجرة على تعليم الصبيان كتاب الله، والضروري من العلم الديني والدنيوي. وأما غير ذلك من العلوم كالتوسع في علوم اللغة والفقه والعربية والحديث والشعر والدين والحساب، فقد اختلفوا في جواز أخذ الأجرة، ولكن الأكثرين أباحوا ذلك. قال ابن حبيب: لا بأس بإجازة المعلم على تعليم الشعر والنحو والرسائل وأيام العرب. وعلى الرغم من هذه الفتوى فقد ظل من العلماء والمعلمين نفر يعلمون في سبيل الله لا يأخذون على التعليم أجرا، وكان في مقدمة هؤلاء المعلمين أئمة المتصوفة ورجالات الزهد والورع ممن كانوا يكتفون باليسير ويطلبون المثوبة على عملهم من اللطيف الخبير.
68
سن ابتداء التعليم:
ذكرنا فيما سلف أن السن التي كانوا يبدءون فيها بتعليم الطفل كانت في الخامسة أو السادسة، والحقيقة هي أننا لم نعثر على نص يقطع بتعيين مبدأ سن الدراسة؛ فبعضهم كان يبدأ بتعليم أولاده في الرابعة،
69
وبعضهم في السنة السابعة أو الثامنة،
70
Shafi da ba'a sani ba