Tarajim al-Muʾallifin al-Tunisiʾin
تراجم المؤلفين التونسيين
Mai Buga Littafi
دار الغرب الإسلامي
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
١٩٩٤ م
Inda aka buga
بيروت - لبنان
Nau'ikan
الطلبة والجند وأقبل الطاغية وقد تزيّا بأحسن زي في عظماء قومه من حيث نزل بالرصافة أول هذه النازلة فتلاقيا بالولجة (١) واتفقا على أن يتسلم الطاغية البلد سلما لعشرين يوما ينتقل أهله أثناءها بأموالهم وأسبابهم وحضرت ذلك كله وتوليت العقد عن أبي جميل في ذلك وابتدئ بضعفة الناس وسيروا في البحر إلى نواحي دانية، واتصل انتقال سائرهم برا وبحرا وصبيحة يوم الجمعة السابع والعشرين من صفر المذكور كان خروج أبي جميل بأهله من القصر في طائفة يسيرة أقامت معه وعند ذلك استولى عليها الروم» (٢).
وكان حزن المسلمين على سقوط بلنسية عظيما، وبكى ابن الأبّار مسقط رأسه بدمع غزير (٣) قال من رسالة له: «أما الأوطان المحبب عهدها بحكم الشباب، المشبب فيها بمحاسن الأحباب فقد ودعنا معاهدها وداع الأبد، وأخنى عليها الذي أخنى لبد أسلمها الإسلام.
وانتظمها الانتثار والاصطلام، حين وقعت أنسرها الطائرة، وطلعت أنحسها الغائرة فغلب على الجذل الحزن، وذهب مع المسكن السكن (بسيط):
كزعزع الريح صك الدوح عاصفها ... فلم يدع من جنى فيها ولا غصن
واها وواها يموت الصبر بينهما ... موت المجاهد بين البخل والجبن
أين بلنسية ومغانيها وأغاريد ورقها وأغانيها، وأين حلى رصافتها وجسرها، ومنزلا عطائها ونصرها، أين أفناؤها تندى غضارة وذكاؤها تبدو من خضارة، أين جداولها المنساحة وذمائلها، أين جناتها النفاحة وشمائلها، شد ما عطل من قلائد أزهى نحرها، وخلعت شعشعانية الضحى بحيرتها وبحرها، فأية حيلة لا حيلة في صرفها مع صرف الزمان، وهل كانت حتى بانت إلا رونق الحق وبشاشة الإيمان، ثم لم يلبث داء عقرها أن دب إلى جزيرة شقر فأمرّ عذبها النمير وذوى غصنها النضير، وخرست حمائم أدواحها وركدت نواسم أرواحها» (٤).
وقد عدّد ابن الأبّار المدن الأندلسية التي سقطت بأيدي الاسبان، والتي يتوقع سقوطها «... وتلك البيرة بصدد البوار، ورية في مثل حلقة السوار، ولا مرية في المرية وخفقها على الجوار إلى بنيات لواحق بالأمهات، ونواطق بهاك لأول ناطق بهات».
وذهب ابن مردنيش إلى دانية ومعه ابن الأبّار، ثم رأى ابن الأبّار الانتقال إلى تونس
_________
(١) الولجة بالاسبانية (Huelga) وهي الرحبة الواسعة التي تستعمل للنزهة واستعمال ابن الأبّار لهذا اللفظ هنا يدل على أنه كان جاريا في استعمال الأندلسيين. وقد وجدت ولجات كثيرة قرب مدن أخرى ولكني لم أعثر على ولجة بلنسية (د. حسين مؤنس: تعليق رقم (١) على الحلة السيراء ٢/ ١٢٦).
(٢) الحلة السيراء ٢/ ١٢٧.
(٣) مقدمة «إعتاب الكتّاب» ص ١٢.
(٤) الرسالة أورد قسما كبيرا منها الحميري في الروض المعطار ص ٥٢ - ٥٤. [ص ١٠٠ من طبعة احسان عبّاس].
1 / 16