كيف يكون لهم عهد معتد به عند الله ورسوله وإن يظهروا عليكم الخ. الهضبة كل صخرة راسية ضخمة. والقليب:
البئر; وسمى القليب قليبا لأنه قد قلب ترابه، وقبل البيت:
لعمر أبى إن البعيد الذي مضى * وإن الذي يأتي غدا لقريب وهو لكعب الغنوي في مرثية أخيه مع صاحبيه: أي خبر تمانى أنما الموت يكون بالقرى لأن من سكن الأمصار والقرى مرض للوباء الذي يكون في الأمصار فكيف مات أخي في هذا الموضع وهو برية (مسرة أحقاب تلقيت بعدها * مساءة يوم أريها شبه الصاب فكيف بأن تلقى مسرة ساعة * وراء تقضيها مساءة أحقاب) عند قوله تعالى (قل نار جهنم أشد حرا) استجهال لهم لأن من تصون من مشقة ساعة فوقع بسبب ذلك التصون في مشقة الأبد كان أجهل من كل جاهل; والمعنى: يضحكون قليلا ويبكون كثيرا جزاء إلا أنه أخرج على لفظ الأمر للدلالة على أنه حتم واجب لا يكون غيره. وقوله مسرة أحقاب مبتدأ خبره أريها شبه الصاب، والأحقاب:
الأزمان الكثيرة واحدها حقب. والأرى: العسل، والشبه: المثل، والصاب: نبت مر، وقيل الحنظل. يقول:
مسرة أزمان كثيرة ترى بعدها مساءة يوم هي في الحقيقة مثل الصاب مرارة، فكيف بأن تلقى مسرة ساعة وتقع بسبب تلك المسرة في مشقة الأبد، وذلك مثل نعيم الدنيا ولذتها إذا وقع صاحبها بعدها في عذاب الآخرة نعوذ بالله من ذلك، ومن هنا أخذ المرحوم أبو السعود قوله في قصيدته الميمية:
زمان تقضى بالمسرة ساعة * وآن تولى بالمساءة عام وهو مأخوذ من قوله:
إن الليالي للأنام مناهل * تطوى وتنشر دونها الأعمار فقصار هن مع الهموم طويلة * وطوالهن مع السرور قصار وكلهم آخذون من قوله:
يا خاطب الدنيا الدنية إنها * شرك الردى وقرارة الأكدار دار متى ما أضحكت في يومها * أبكت غدا بعدا لها من دار (أحقا عباد الله أن لست جائيا * ولا ذاهبا إلا على رقيب) في سورة يونس عند قوله تعالى (إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده) فإن قوله يبدأ الخلق ثم يعيده إما استئناف معناه التعليل، وقرئ أنه أو هو منصوب بالفعل الذي نصب وعد الله: أي وعد الله وعدا بدء الخلق ثم إعادته، والمعنى: إعادة الخلق بعد بدئه. وقرئ وعد الله على لفظ الفعل ويبدئ من أبدأ.
ويجوز أن يكون مرفوعا بما نصب حقا: أي حق حقا بدء الخلق كقوله: أحقا عباد الله، ويحتمل أن يريد الرقيب الذي يمنعه من الحبيب ويحتمل أن يريد به ما قال تعالى (إن كل نفس لما عليها حافظ) كما قال الشاعر:
من عليه بكل لفظ رقيب * عجبا منه كيف يطلق لفظا ومنه قول الحماسي:
أحقا عباد الله أن لست رائيا * رفاعة طول الدهر إلا توهما
Shafi 335