Tanzih Alkur'ani
تنزيه القرآن عن المطاعن
Nau'ikan
وربما قيل في قوله تعالى (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) ثم قال في آخر الآية الثانية (إن كنتم مؤمنين) كيف يصح ان يقول آمنوا (إن كنتم مؤمنين) وجوابنا ان قوله (إن كنتم مؤمنين) جعله تعالى شرطا في اخذ الميثاق لأنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذه بشرط الايمان ويحتمل ان يريد به إن رغبتم في الايمان وتمسكتم به وقوله تعالى (هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور) احد ما يدل على ان مراده بإنزال القرآن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وبعثته من بين الجميع ان يخرجوا من الكفر الى الايمان. فان قيل فقد قال تعالى (ليخرجكم) فيجب ان يكون الايمان من خلقه.
وجوابنا انه بين أنه يخرجهم بهذا السبب ولو كان الاخراج والايمان من خلقه لم يصح ذلك لأنه سواء أنزل القرآن أو لم ينزل فالحال واحدة وقوله تعالى (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد) أحد ما يدل على فضل أكابر الصحابة ومن تقدم إسلامه كالعشرة وغيرهم وإنما كان كذلك لأن موقع الانفاق من قبل كان اعظم من موقعه من بعد ثم قال تعالى (وكلا وعد الله الحسنى) منبها بذلك على ان الثواب يعم الكل.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم) أليس ذلك يدل على ان الذين آمنوا لم يكونوا خاشعين وأنه كان فيهم من هو قاسي القلب وذلك بخلاف قوله تعالى (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون). وجوابنا ان المؤمن لا يكون في الجملة إلا خاشعا خاضعا لله وإنما امر تعالى أن يخشعوا لذكر الله وعند سماع القرآن لان فيهم من يسمع غافلا لاهيا فهو كقوله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن) فأما قوله تعالى (فقست قلوبهم) فهو من وصف الكفار من قبل وقوله تعالى (وكثير منهم فاسقون) انما قاله فيمن أوتي الكتاب ثم آمن فيما بعد.
[مسألة]
Shafi 416