قيل١ فيجوز حمل أحاديث خيبر على الأرض التي بين النخيل خاصة دون البيضاء (فتكون المزارعة فيها تبعا للمساقاة كما قال الشافعي٢ ﵀ ٣ ويحمل حديث رافع وجابر على الأرض البيضاء (ويكون جمعا بين الحديثين أيضا، أو أنه ساقى قوما منهم وزارع آخرين بالشروط المجوزة للمزارعة) ٤ قلنا هذا ضعيف لوجوه:
الأول: أن خيبر كانت بلدا كبيرا يأتي منها أربعون ألف وسق أو أكثر، وخلو مثل هذا البلد عن أرض بيضاء منفردة بعيد وقد نقل الرواة معاملة خيبر على العموم من غير تفصيل فدل على أن حكم الأرض البيضاء وغيرها سواء.
الثاني: أن حمل حديث خيبر على هذه التأويلات تحكم ليس عليه دليل سوى الجمع بين الحديثين بخلاف ما ذكرناه من تأويل حديث رافع ورد بعضه إلى بعض فإنه ورد في طرقه ما يدل عليه ويفسره.
الثالث: أن ما ذكرناه من الإطلاق في كل الأراضي موافق لظاهر حديث خيبر، ولعمل الخلفاء الراشدين وغالب فقهاء الصحابة والتابعين، وكانوا أعلم بسنة رسول الله ﷺ فكان الرجوع إليه أولى من الرجوع إلى تلك الاحتمالات.
قال الخطابي- لما رجح جواز المزارعة-: "وهي عمل المسلمين في بلاد الإسلام وأقطار الأرض شرقها وغربها لا أعلم أني رأيت أو سمعت أهل بلد أو
_________
١ من قوله فإن قيل إلى آخر ما ذكره من الرد منقول من المغني بتصرف يسير مثل ابن قدامة قال: "فإن قال أصحاب الشافعي.. الخ" والمصنف قال: "كما قال الشافعي.. الخ" وانظر المغني ٧/٩٥٥ - ٥٦٠.
٢ انظر قول الشافعي في الأم ٤/١٢.
٣ ما بين القوسين في الأصل في الهامش وفي نسخة (ر) في المتن.
٤ ما بين القوسين في الأصل في الهامش وفي نسخة (ر) في المتن.
1 / 366