الثالث: أن النسخ إنما يصار إليه عند تعذر الجمع بين الأحاديث والجمع بين حديث خيبر وحديث رافع ممكن ظاهر [كما سنذكره إن شاء الله تعالى] ١ فكيف يعدل إلى النسخ.
ووجه الجمع بينهما ما ذكره الخطابي٢ وغيره٣ وهو أن أحاديث رافع وجابر، وثابت مجملة٤ تفسرها الأخبار التي وردت عن رافع نفسه، وعن غيره، فإن رافعا قد فسر حديثه في بعض طرقه بما لا يختلف في فساده فيحمل النهي المطلق٥ على ذلك المقيد٦ فمن ذلك قول رافع: "كنا أكثر الأنصار حقلا فكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك". أخرجه البخاري٧ ومسلم٨ من طرق٩ [وقال جابر- ﵁: "كنا نأخذ الأرض بالثلث والربع والماذيانات" رواه مسلم] ١٠.
وعن
_________
١ ما بين المعقوفتين يوجد في كلا النسختين إلا أنه في نسخة (م) في الهامش ومصحح وفي نسخة (ر) في المتن.
٢ انظر كلامه في معالم السنن٣ /٩٥.
٣ كالنووي في شرح مسلم شرح النووي ١٠/٢١٠، وابن قدامة في المغني ٧/٥٥٨ وابن تيمية في مجموع الفتاوى ٢٩/١٠٦ وابن القيم كما في تهذيب السنن مع مختصر سنن أبي داود ٥/٥٨ وما بعدها.
٤ المجمل هو مالا يفهم منه عند الإطلاق معنى معين. انظر حاشية ابن بدران على روضه الناظر ١/٤٣ وانظر نهاية السول ٢/٦١، ٢/٥٠٨، ٥٠٩ وأصول الآمدي٣/١١٦.
٥ المطلق هو المتناول لواحد لا بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه وهي النكرة في سياق الأمر كقوله تعالى ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَة﴾ . روضة الناظر ٢/١٩١ والأحكام في أصول الأحكام للآمدي ٣/١٦٢.
٦ المقيد هو المتناول لمعين أو غير معين موصوف بأمر زائد على الحقيقة الشاملة لجنسه كقوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ قيد الرقبة بالإيمان. روضة الناظر ٢/١٩١ والأحكام في أصول الأحكام للآمدي ٣/١٦٢.
٧ البخاري مع الفتح ٥/١٥.
٨ مسلم شرح النووي ١٠/٢٠٦ واللفظ لمسلم.
٩ انظر طرقه في البخاري مع الفتح ٥/٢٣، ٢٤، وفي مسلم بشرح النووي ١٠/٢٠٢ وما بعدها.
١٠ ما بين المعقوفتين في كلا النسختين إلا أنه في نسخة (م) في الهامش ومصحح وفي نسخة (ر) في المتن. والحديث في مسلم بشرح النووي ١٠/٢٠٠ وتمامه "فقام رسول الله ﷺ في ذلك فقال: "من كانت له أرض فليزرعها فإن لم يزرعها فليمنحها أخاه فإن لم يمنحها أخاه فليمسكها".
1 / 360