[حكم التقليد في الموالاة والمعاداة]
فرع: قيل: والموالاة والمعاداة يختصان من بين سائر الأحكام الشرعية العملية بأنه لا يجوز التقليد فيهما لتفرعهما على الإيمان والكفر وهما علميان، أي لا يوالي إلا مؤمنا، ولا يعادي إلا كافرا أو فاسقا، فمن لم تعلم إيمانه يقينا بما يظهر من حاله ما يقتضي إيمانه لا في نفس الأمر تلزمك موالاته، ومن لم تعلم كفره أو فسقه يقينا بما يظهر من حاله، لم تجز لك معاداته، فأما إقامة الحدود وحرب العوام للباطنية، وإن لم يحصل لهم علي يقين بالكفر والفسق، فإنما هو عمل يتعبد به، لا معاداة، فإنها من أفعال القلوب كما قدمنا، فالأئمة وإن أمروا العوام بحرب الباطنية فليس الأمر كأمر الحاكم بإقامة حد، ولو أمروهم بالمعاداة القلبية، وإن لم يعلموا كفرهم أو فسقهم كان خطأ. هكذا ذكره بعض علماء أهل المذهب، وهو محتمل للنظر، إذ يحتمل أن يقال: إذا قامت شهادة عادلة بإسلام يهودي أو توبة فاسق، وجب إجراء الأحكام الإسلامية عليه والموالاة من جملتها، ولا إشكال في ذلك، وكذلك لو شهد أنه فعل ما يوجب الفسق، وجب إجراء حكم الفاسق عليه فينبغي التحقيق في ذلك.. نعم، فأما خبر الواحد العدل بإسلام، أو فسق، فالأقرب أنه لا يعمل به، إذ لم يعمل صلى الله عليه وآله وسلم بخبر العباس وحده، أن أبا طالب قد أسلم، ويحتمل جواز العمل به كالجرح والتعديل عند من لم يعتبر الشهادة.
Shafi 49