ويجوز تخريج البيت على وجه لا تعقيد فيه، وهو أن يجعل <<مثله>> مبتدأ و<<في الناس>> خبره، و<<مملكا>> مستثنى من المستتر في قوله<<في الناس>> و<<أبو أمه>> مبتدأ و<<حي>> خبر، والجملة نعت <<لمملك>> على أن يراد بالحياة الشباب كما ينزل الهرم منزلة الموت، و<<أبوه >>خبر ثان و<<يقاربه>> نعت ثان، وغاية ما في هذا نصب مملكا مع تقدم السلب وهو مرجوح لا ممنوع ولا حاصل به تعقيد، وهو خالص عن تقديم المستثنى وعن الفصل وتقديمه، ولو جاز قياسا لكن يزيد عقدا إذا حصل عقد بدونه، بل يوهم ولو وحده في بعض المواضع، فيحصل به العقد، والعقد قد يقوى وقد يضعف.
ولا يتوهم أن بيت الفرزدق على الأعاريب الأول خال عن ضعف التأليف، فإن كثرة الفصل بأن يفصل بين شيئين، ثم بين شيئين، ثم يفصل بين شيئين بأجنبي من ضعف التأليف، بل هو من ضعفه ولو مرة إذا كان بمفرد موهم - كما في البيت - لكن ضعف التأليف أعم، فقد يحصل بلا تعقيد، نحو: << زان نوره الشجر>> وقد يحصل معه كالبيت. وقد يحصل التعقيد بلا ضعف تأليف بأن تجتمع عدة أمور موجبة لصعوبة فهم المراد ولو كان كل منهما جاريا على قانون النحو، وأما لو قيل: <<جاء أحمد >>في النثر (بالتنوين)، فإن كان علما فلحن مردود، وإلا فصواب مقبول إن أريد به غير الصفة، وذلك بأن يراد علم شائع كما يقال: << لكل فرعون موسى>> [ بتنوينهما تنزيلا لهما ] منزلة المتجبر والقاهر، وإن احتمل فإجمال لا تعقيد كما قيل، إلا إن كان المتكلم لا يقدر فلحن. وذلك كله كلام في التعقيد اللفظي، وهو ما مر أنه لخلل في التركيب.
Shafi 40