Tajrid
شرح التجريد في فقه الزيدية
Nau'ikan
ويدل على ذلك أنه لا خلاف في أن سائر الصلوات سوى الفجر لا يجوز أن يؤذن لها قبل وقتها، فكذلك الفجر قياسا على سائر الصلوات؛ بعلة أنه أذان جعل دعاء إلى الصلاة فلا يجوز أن يتقدم على وقتها (ونبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على هذه العلة بقوله: (( إن بلالا يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ))، فنبه على أن أذانه لما لم يكن للصلاة قدم على وقتها)(1).
وحكي عن الشافعي أنه ترك القياس في هذه للسنة، وذلك لا معنى له؛ لأن السنة قد شهدت بصحة ما قلناه، وعضدها القياس على ما بيناه، وليس لأحد أن يستدل على ذلك بفعل أهل المدينة؛ لأنه لم يثبت أنهم حجة، بل هم كغيرهم، على أن ما بيناه عن علقمة أنه قال حين سمع الأذان قبل الفجر: هذا قد خالف سنة أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يبين أن فعل أهل المدينة في هذا الباب خلاف السنة.
مسألة [ في آذان الأعمى والمملوك وولد الزنى ]
قال: لا بأس بأذان الأعمى، والمملوك، وولد الزنا، إذا كانوا من أهل الدين. وهذا منصوص عليه فيه في (الأحكام)(2).
يبين صحة ذلك ما ثبت أن ابن أم مكتوم كان أعمى، وكان يؤذن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويعتد بأذانه، فكون الرجل مملوكا، أو ولد زنا لا تأثير له في هذا الباب، فوجب أن يكون سبيلهما في ذلك سبيل سائر المسلمين، وإنما اشترطنا أن يكونوا من أهل الدين ليكونوا من أهل المعرفة بالأوقات، ولتجوز الثقة بهم وبأذانهم، وليس يتخصص به الأعمى، وولد الزنا، والمملوك، فإن غيرهم أيضا يجب أن يكونوا من أهل الدين ليسكن إلى أذانهم، على أن من لم يكن بهذه الصفة، فلسنا نمنع الاعتداد بأذانه، إذا كان من أهل الملة، إلا أن الأولى ما ذكرنا.
Shafi 199