149

وأما الوجه في استحباب الغسل لمن غسل الميت، فلأنه لا يكاد يسلم من أن ينتضح عليه من غسالة الميت ما ينجسه، سيما وقد بينا فيما تقدم أن الماء ينجس بوروده على النجاسة، كما ينجس بورود النجاسة عليه، ومن أهل البيت من يذهب إلى أن ذلك واجب، وذلك لا معنى له؛ إذ لم يقم عليه دليل من الشرع؛ ولأن الغسل لو وجب، لكان يجب لأنه لمس الميت إذا صب عليه الماء، وصب الماء لا يزيده شرا، وإذا ثبت بالإجماع أن من مس الميتة من سائر الحيوان، فلا يجب عليه الغسل، فكذلك من مس الميت من بني آدم؛ إذ(1) لا يجوز أن يكون ابن آدم أسوأ حالا من سائر الحيوانات، سيما ما ثبتت(2) نجاستها كالكلب والخنزير.

وأما الوجه في استحباب الغسل لمن أراد دخول الحرم، فهو أن الإنسان يحصل في ذلك المكان الشريف، فاستحب له الغسل كما استحب لمن أراد حضور الجامع يوم الجمعة، وحضور المصلى في العيدين.

وليس لأحد أن يقول: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما لم يأمر عائشة بتكرير الغسل لدخول الحرم حين أمرها أن تحرم من التنعيم، ثبت أنه لا وجه لاستحبابه، وذلك أن الغسل الواحد يقوم مقام الغسلات الكثيرة في الفرض والسنن، فكيف في الاستحباب؟! فإذا(3) كان ذلك كذلك، لم يمتنع أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمرها بذلك؛ لقرب التنعيم من الحرم (إذ التنعيم مما يلي الحرم)(4)؛ فكأن الغسل الواحد ناب عن الإحرام، وعن دخول الحرم.

مسألة [ فيمن شك في الترتيب أو في تطهير عضو قبل الصلاة ]

قال: ومن توضأ ثم شك في تطهير عضو من أعضائه؛ طهره، ثم أعاد ما بعده، فإن شك في الترتيب، عاد إلى الموضع الذي شك فيه، ثم أعاد ما بعده. وقد نص على ذلك (ع) في (الأحكام) (5).

Shafi 149