يأتيني صادق وكاذب. فقال: «إني قد خبأت لك خبيئا، ما هو؟»، قال: الدخ. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اخسأ، فلن تعدو قدرك» (¬1). أي إنما أنت من إخوان الكهان، الذين يكذبون تارة ويصدقون أخرى.
فهذا المصروع الذي تخبره الجن بما يخبرون به، غايته أن يكون كالكاهن الذي يخبره رئيه، ومن المعلوم أنه لا يجوز تصديقه ولا إتيانه، بل قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه، لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما» (¬2). ولهذا نص الإمام أحمد وغيره على أن العراف والكاهن بمنزلة الساحر. فإذا كان هذا الكاهن الذي لم يصرعه أحد، ولم يزل أحد عقله، ولا ظلمه، ولا استحضر أحد الجن، بل أتوه باختيارهم= لا يجوز إتيانه ولا تصديقه بما يخبره، بل تجب عقوبته كما يعاقب الساحر (¬3)، فكيف بمن يقصد له صرعه إزالة عقله، وإحضار الجن له، وإكراههم على أن يخاطبوا على لسانه أو غير لسانه؟!
Shafi 32