فالأولى هو معنى قول العلماء: إن السحر حق -كما قالوا: إن العين حق- أي هو موجود، لكن ذلك لا يبيحه، ولا يخرج الكافر عن أن يموت كافرا (¬1)؛ كما أن الأصنام كانت تخاطبهم منها الجن وتخبرهم بأشياء، وذلك لا يمنع أن يكون كفرا، ولولا ذلك وأمثاله ما عبدت الأصنام، فإن في عبادتها من الأسرار والأسباب ما يطول وصفه.
ومن المشهور الثابت بأرض المشرق والمغرب في أرض الشرك: أن الميت إذا مات يرونه قد جاء من الغد، فيرد ودائعه، ويقضي ديونه، ويجتمع بأهله ويحادثهم ويقوم عنهم، وهم شياطين يتمثلون في صور الموتى.
وكذلك الجني يلتبس المصروع حتى يزبد ويرغي، ويتكلم على لسانه بكلام ليس من كلام المصروع، تارة يفقه /187ب/ وتارة لا يفقه. وكذلك أهل العبادة الفاسدة من أهل الشرك وأهل البدع، إذا حضروا سماع المكاء والتصدية يدخل الشيطان في أحدهم، حتى يتكلم على لسانه بما لا يفقه، حتى يصعد يقعد في فوق زج الرماح والناس يرونه، وحتى يقعد في النار، ويحمي الحديد ويلصقها بالجلد. وقد ضربت مرة مصروعا -إما مائة عصى أو أكثر- ضربا شديدا على عنقه، والضرب واقع على الجني، والمصروع لا يحس (¬2) بذلك، ولما استفاق لم يكن بعنقه أثر أصلا.
Shafi 24