وأما ما زاد عليها فهو سنة؛ لأنه داخل تحت الأمر أيضا ومن جزئيات المأمور به، ولا فرق في ذلك بين السر والجهر، وبين مكان ومكان، وزمان وزمان، وبين أن يكون عقب الأذان أولا، فإن كل ذلك داخل تحت الأمر المطلق في الآية ومن جزئيات المأمور به، فإنه لم يقيد الأمر فيها بحال دون حال، أو مكان دون مكان، أو زمان دون زمان.
والموصول والمنادي فيها عام يعم جميع المكلفين، فالضمير العائد عليه في الأمر كذلك، ولدخول فعلهما أيضا تحت الأمر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا وسلموا على...)(1) إلى آخر الحديث، وهو حديث صحيح، والأمر فيه أيضا مطلق على وجه ما تقدم.
وكما يدخل فيه غير المؤذن يدخل المؤذن، وكان مأمورا كغيره ممن يسمعه بفعلهما عقب الأذان بلا فرق بين أن يكون مع رفع صوت، وأن يكون بدونه، وعلى المنارة وغيرها.
ولا يلزم من عدم فعلهما في زمنه - صلى الله عليه وسلم - أن يكون فعلهما بدعة مذمومة شرعا؛ لأن السنة كما تثبت بفعله تثبت بقوله، وفعلهما داخل تحت الأمر القولي من الكتاب والسنة كما علمت، ولذا قال ابن الأثير(2):
البدعة: بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلالة.
Shafi 57