قلنا: قيل: إنه رأى رؤيا أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر، فأحرقت القبط، وتركت بني إسرائيل، فعبروا بأنه يخرج رجل من بني إسرائيل يكون هلاكه على يده، فأمر بألا يولد لهم غلام إلا ذبحوه، ولا جارية إلا تركوها، عن السدي، وقيل: كان بنو إسرائيل عرفوا ذلك بإخبار الأنبياء، فكانوا يريدون بقتل الأبناء توهين أمرهم، وتكذيب. ما كانت بنو إسرائيل تحدث عن أنبيائهم، عن الأصم، واختلفوا فيمن قتلوه. فقيل: المراد أن القبط كانت تقتل رجال بني إسرائيل، وقيل: كاتوا يقتلون الأطفال، وهو المجمع عليه، ويستحيون يعني يستبقونهن أحياء، نساءكم.
ويقال: لم قال: ئساءكم؟ وكانوا يستبقون الأطفال؟.
قلنا: على التغليب، فإنهم كانوا يستبقون الصغار والكبار، يقال: اقتلوا الرجال، وإن كان فيهم صبيان، وقيل: لأن النساء اسم يقع على الصغار والكبار، كالأبناء، وقيل: سموا بذلك على التقدير أنهم يصيرون نساء، وفي ذلكم قيل: في سومكم العذاب، وذبح الأبناء محنة عظيمة وابتلاء عظيم، من ربكم لما خلى بينكم وبينه، فيفعل بكم هذه الأفاعيل، وقيل: في نجاتكم من فرعون وقومه نعمة من الله عليكم عظيمة.
ومتى قيل: كيف خاطبهم بالنجاة، من فرعون، وإنما النجاة لأسلافهم؟
قلنا: قيل: لأن النعمة على السلف تعد نعمة على الخلف، فهذا ظاهر، وقيل: أراد نجينا من أنتم من نسلهم، يوضحه أنه لولا السلف لما وجد الخلف أصلا، وقيل: هو على عادة العرب، يقولون: قتلناكم يوم ذي قار، ويريدون الأسلاف.
* * *
(الأحكام)
الآية تدل على جواز التخلية بين الظالم والمظلوم، وأنه قد تكون المصلحة في ذلك، كما خلى بين بني إسرائيل وبين فرعون للابتلاء، وإن كانت العاقبة للمتقين.
Shafi 376