قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: فيحلّ ما حرّم من مينة ودم ولحم خنزير.
وكلّ ما حرم مما يغير العقل من الخمر للمضطر.
والمضطر: الرجل يكون بالموضع، لا طعام فيه معه، ولا شيء يسد فورة
جوعه من لبن وما أشبهه، ويبلغه الجوع ما يخاف منه الموت أو المرض، وإن لم يخف الموت، أو يضعفْه ويضره، أو يعتل أو يكون ماشيًا فيضعفُ عن بلوغ
حيث يريد، أو راكبًا فيضعف عن ركوب دابته، أو ما في هذا المعنى من الضرر البين، فأيُّ هذا ناله فله أن يأكل من المحرّم.
وكذلك يشرب من المحرّم غير المسكر، مثل الماء تقع فيه الميتة وما أشبهه.
وأحبَ إليَّ أن يأكل آكله إن أكل، وشاربه إن شرب، أو جمعهما، فعلى ما
يقطع عنه الخوف ويبلغ به بعض القوة، ولا يبين أن يحرم عليه أن يشبع ويروى، وإن أجزأه دونه؛ لأن التحريم قد زال عنه بالضرورة.
وإذا بلغ الشِّبع والري فليس له مجاوزته، لأن مجاوزته حينئذ إلى الضرر
أقرب منه إلى النفع.
ومن بلغ إلى الشبع فقد خرج في بلوغه من حد الضرورة، وكذلك الري.
ولا بأس أن يتزود معه من الميتة ما اضطر إليه، فإذا وجد الغنى عنه
طرحه.
ولو تزود معه ميتة فلقي مضطرًا أراد شراءها منه، لم يحلّ له ثمنها، إنما حل
له منها منع الضرر البين على بدنه لا ثمنها.
الأم (أيضًا): فصل (السفر الذي تقصر في مثله الصلاة بلا خوف):
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: وسواء في القصر المريض والصحيح، والعبد
والحر، والأنثى والذكر إذا سافروا معًا في غير معصية اللَّه تعالى، فأما من سافر
1 / 248