فقد صح أن أجزاء النبات غير محدودة: إن كانت هذه الأجزاء هى أجزاء النبات، وإن كانت غير أجزائه. وقبيح بنا أن نقول فى الشىء الذى به ينمو الحيوان ويكمل إنه ليس بجزئه؛ ومما ينبغى لنا أن لا نجعل ثمر النبات من أجزائه، لأن الجنين ليس هو بجزء لأمه؛ وأما الورق وسائر ما فيه فانه من أجزائه، وإن كان غير محدود وكان ينتثر ويسقط؛ لأن قرون الأيل وشعر بعض الحيوان وريش بعضه الذى يحتقن فى الشتاء فى الكهوف وتحت الأرض يتساقط أيضا، وهذا شبيه بانتثار ورق النبات.
وينبغى لنا أن نتكلم فى الأشياء التى ذكرنا آنفا، وأن نأخذ فى ذكر الأجزاء الخاصية والعامية والاختلاف الذى فيه. فنقول: فى أجزاء النبات اختلاف عظيم فى الكثرة والقلة والصغر والكبر والقوة، وذلك لأن الرطوبة التى فى الكبار: منها ما هو لبن مثل لبن التين، ومنها ما هو شبيه بالزفت مثل الرطوبة التى فى الكرم، ومنها صعترى مثل الرطوبة التى فى الصعتر والنبات المعروف بأوريغانون. وفى جملة القول إن من النبات نباتا له أجزاء محدودة معروفة، ومنها ما له أجزاء محدودة غير متشابهة ولا مستوية، ومنها ما له أجزاء متشابهة وغير متشابهة، ليس مكانها فى موضع. واختلاف النبات فى أجزائه معروف من شكله ولونه، وسخافته وكثافته، وخشونته ولينه، وسائر ما يعرض فيه من الاختلاف فى الاستواء وزيادة العدد ونقصانه ومن كبره وصغره. ومنه ما لا يكون على حال، بل فيه اختلاف كثير، على ما قلنا.
[chapter 4]
Shafi 253