قال المعنى وضع وبين.
و " البعوضة ": حيوان معروف. والمشهور نصب بعوضة وقرىء بالرفع فالنصب على أن يكون صفة لما وصفت باسم الجنس وما بدل من مثلا ومثلا مفعول بيضرب أو عطف بيان من مثل أو بدلا منه أو مفعولا بيضرب ومثلا حال من نكرة تقدمت عليها أو مفعولا ثانيا ليضرب أو أول ليضرب ومثلا ثانيا أو منصوبا على إسقاط الجار التقدير ما بين بعوضة فما فوقها. والذي نختاره أن مثلا: مفعول يضرب، وما: صفة لمثلا زادت النكرة شياعا وبعوضة بدل واما الرفع أي رفع بعوضة فخبر مبتدأ على أن ما موصولة بمعنى الذي وهو بدل من مثلا أو على أن يكون ما استفهاما وبعوضة خبر ما أو خبر هو محذوفة، وما: زائدة أو صفة وهو بعوضة كالتفسير لما انطوى عليه الكلام السابق.
{ فما فوقها } أي في العظم كالذباب والعنكبوت المضروب بهما المثل. وقيل: فما فوقها في الصغر أي يزيد عليها في قلة الحجم ولو أريد هذا المعنى لكان التركيب فما دونها.
{ فأما الذين آمنوا } جاءت الجملة باما لا بقوله: فالذين، لأن ما في حيز اما من الخبر كان واقعا لا محالة ومفيدة أنه مترتب على ما تضمنته اما من الشرط والضمير في أنه عائد على المصدر المفهوم من يضرب أو على المصدر المفهوم من انتفاء الاستحياء أو على المثل وهو الظاهر. لقوله:
{ ماذآ أراد الله بهذا مثلا } وأخبر تعالى عن المؤمنين بالعلم وهو الجزم المطابق بدليل، وعن الكافرين بالنطق اللساني، المتضمن لاستغراب الاستهزاء. وماذا اما استفهام كله ركب ذا مع ما فيكون منصوبا بأراد أي أي شيء أراد الله بهذا أو ما استفهام وهو مبتدأ، وذا موصول بمعنى الذي خبر عن ما والعائد محذوف وجعل ابن عطية هذين القولين مسألة اختلاف بين النحويين وليست كذلك بل كل من شذا شيئا من علم العربية أجاز هذين الوجهين وعلى تجويزهما المعربون والمفسرون وانتصب مثلا على التمييز المؤكد قيل أو الحال من اسم الاشارة أي ممثلا به أو عن الفاعل أي ممثلا وعن الكوفيين نصبه على القطع.
{ يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا } جملتان مستأنفتان جاريتان مجرى البيان والتفسير للجملتين السابقتين وجعل ذلك صفة لمثلا بعيد جدا إذ يكون من كلام الكفار وإسناد الإضلال إلى الله حقيقة. والزمخشري في مثل هذا على مذهب الاعتزال. وتجوز ابن عطية أن يكون يضل به كثيرا من كلام الكفار ويهدي به كثيرا من كلام الله تفكيك للكلام وهو غير ظاهر. وقرىء يضل به كثير ويهدي به كثير وما يضل به إلا الفاسقون مبنيا للمفعول وقرىء مبنيا للفاعل وياء المضارعة مفتوح ورفع الثلاثة وقرىء يضل بضم الياء وما يضل بفتح الياء ورفع الفاسقين.
والضمير في به: عائد على المثل أي يضربه والفاسق الخارج عن طاعة الله تعالى.
{ الذين ينقضون } صفة للفاسقين صفة ذم لازمة أو نصب على الذم أو رفع على هم الذين، وإعرابها مبتدأ، والخبر جملة أولئك.
{ هم الخسرون } استئناف لا تعلق له بما قبله والظاهر تعلقه بما قبله. وكل فاسق ناقص لعهد الله قاطع ما أمره بوصله ثم لما وصفه بهذا أخبر بخسرانه. وعهد الله تعالى هو ما ضمنه تعالى في كتبه المنزلة وعلى ألسنة أنبيائه من أمره بطاعته ونهيه عن معصيته وإقراره بالعباد والميثاق وفعال من الوثاقة والأصل في مفعال أن يكون صفة كمعطار أو آلة كمحراث. وظاهر كلام الزمخشري وابن عطية: أنه اسم بمعنى المصدر أو أنه مصدر.
قال الزمخشري: بمعنى التوثقة كما أن الميعاد بمعنى الوعد ، والميلاد بمعنى الولادة.
Shafi da ba'a sani ba