245

Tafsirin Nahr Madd

النهر الماد

Nau'ikan

{ قال كذلك الله يخلق ما يشآء } تقدم إعرابه في قصة زكريا وهناك يفعل لأنه ممكن إذ هو بين ذكر وأنثى مسنين. وهنا يخلق لأنه لم يعهد مولود من غير ذكر فجاء بلفظ يخلق الدال على الإختراع الصرف من غير مادة ذكر.

{ إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون } تقدم الكلام عليه في البقرة.

[3.48-51]

{ ويعلمه الكتب } الكتاب هنا مصدر كتب قال ابن عباس: أي الخط باليد. { والتوراة } هي الملة على موسى. { والإنجيل } هو المنزل على عيسى عليهما السلام. وقرىء ونعلمه بالنون والياء. { ورسولا } منصوب بإضمار فعل أي ونجعله رسولا. وأجاز الزمخشري وابن عطية أن يكون معطوفا على وجيها يعلمه فيكون حالا التقدير ومعلما الكتاب فهذا كله عطف بالمعنى على قوله وجيها وهو ضعيف لطول الفصل بين المتعاطفين . وأجاز ابن عطية أن يكون منصوبا على الحال من الضمير المستكن في ويلكم فيكون معطوفا على قوله: وكهلا أي ويكلم الناس طفلا وكهلا ورسولا إلى بني إسرائيل وهو بعيد جدا لطول الفصل بين المتعاطفين. وقوله وقول الزمخشري عجمة قبيحة لا تصدر بين متمكن في الفصاحة. وأجاز الزمخشري أن يكون منصوبا على إضمار فعل من لفظ رسول ويكون ذلك الفعل معمولا لقول عيسى التقدير ويقول: أرسلت رسولا إلى بني إسرائيل واحتاج إلى هذا التقدير كله لقوله: اني قد جئتكم وقوله: ومصدقا لما بين يدي أن لا يصح في الظاهر حمله على ما قبله من المنصوبات لاختلاف الضمائر لأن ما قبله ضمير غائب وهذان ضميرا متكلم فاحتاج إلى هذا الإضمار لتصحيح المعنى. قال: وهو من المضايف يعني من المواضع التي فيها اشكال، وهذا الوجه ضعيف إذ فيه إضمار شيئين القول ومعموله الذي هو أرسلت والاستغناء عنهما باسم منصوب على الحال المؤكدة إذ يفهم من قوله: وأرسلت، أنه رسول نهي على هذا لتقدير حال مؤكدة. وقرأ اليزيدي ورسول بالجر وخرجها الزمخشري على أنها معطوفة على بكلمة منه وهي قراءة شاذة في القياس لطول البعد بين المعطوف عليه والمعطوف. وقرىء أنى بفتح الهمزة معمولا لقوله: ورسوله، أي وناطقا بأني قد جئتكم. وبكسر الهمزة أي قائلا.

{ أني قد جئتكم بآية من ربكم }. وهي العلامة ثم أخذ في تفسيرها، فقال: { أني أخلق لكم من الطين } أي أصور. { كهيئة الطير } أي مثل صورته. وقرىء اني أخلق بفتح الهمزة وكسرها. وقوله: من الطين تقييد بأنه لا يوجد من العدم الصرف بل ذكر المادة التي يشكل منها صورة الطير. وقرىء كهية بكسر الهاء وياء مشددة وتواطىء النقل عن المفسرين ان الطائر الذي خلقه عيسى كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز فعل المخلوق عن فعل الخالق والظاهر ان هذه الفوارق كلها تفسير للآية التي جاء بها دالة على صحة رسالته وإن ذلك ليس باقتراح منهم. والطير قيل: هو الخفاش وهو غريب الشكل والوصف، والأكمه: المولود أعمى، يقال: من كمه يكمه، البرص: داء معروف وهو بياض يعتري الجلد، يقال. منه: برص فهو أبرص.

{ وأحي الموتى } لم يذكر تعيين من أحياه وذكر المفسرون ناسا والله أعلم بصحة ذلك. { وأنبئكم بما تأكلون } كان عليه الصلاة والسلام ينبئهم بتعيين ما أكلوا وتعيين ما ادخروا. وأتى بهذه الخوارق الأربع مصدرة بالمضارع الدال على التجدد والحالة الدائمة، وبدأ بالخلق الذي هو أعظم في الإعجاز، وثني بإبراء الأكمه والأبرص، وأتى بالثالث بإحياء الموتى وهو خارق شاركه فيه غيره بإذن الله كررها دفعا لمن توهم فيه الإلهية وكان بإذن الله عقب قوله: انني أخلق، وعطف عليه: وابرىء الأكمه والأبرص، ولم يذكر بإذن الله اكتفاء به في الخارق الأعظم، وعقب قوله: وأحيي الموتى بقوله: بإذن الله، وعطف عليه وأنبئكم ولم يذكر فيه بإذن الله لأن أحياء الأموات أعظم من الاخبار بالمغيبات فاكتفى به في الخارق الأعظم أيضا فكل واحد من الخارقين الأعظمين قيد بقوله: بإذن الله، ولم يحتج إلى ذلك فيما عطف عليهما اكتفاء بالأول إذ كل هذه الخوارق لا تكون إلا بإذن الله. وقرىء وما تدخرون بفك الذال عن الدال.

{ إن في ذلك } إشارة إلى ما تقدم من هذه الخوارق. { ومصدقا } انتصب على أنه معطوف على قوله: بآية على أن بآية في موضع الحال تقديره جئتكم مصحوبا بآية ومصدقا ولأحل: اللام لام كي وهو معطوف على علة محذوفة التقدير لأخفف عنكم ولاحل أو على فعل متأخر التقدير ولا حل لكم جئت قال الزمخشري ولأهل رد على قوله: بآية من ربكم أي جئتكم بآية من ربكم ولا حل لكم. " انتهى ". ولا يستقيم أن يكون ولا حل ردا على بآية لأن بآية في موضع حال ولا حل تعليل ولا يصح عطف التعليل على الحال لأن العطف بالحرف المشرك في الحكم يوجب التشريك في جنس المعطوف عليه والذي أحل لحوم الإبل والشحوم وأشياء من السمك وما لا صيصية له من الطير. وقرىء حرم مبنيا للمفعول الذي لم يسم فاعله وحرم مبنيا للفاعل.

{ وجئتكم بآية من ربكم } الظاهر أنها للتوكيد في قوله قد جئتكم بآية من ربكم. ولما طال ما بينهما أكد وان كانت للتأنيث فيختلف مدلول الآيتين وتكون الثانية مخصوصة بالكتاب الذي جاء به وهو الإنجيل فاتفق ظهور تلك الفوارق وظهور هذا الكتاب الإلهي.

[3.52-55]

{ فلمآ أحس } الإحساس الإدراك بالحاسة ولما كان كفرهم واضحا مصرحا به جعل كأنه مبصر مسموع. ويقال: أحس متعديا لمفعول به وحسست متعديا بالباء وقد أبدلت سين حسست الثانية ياء إذا اتصل بها بعض الضمائر وقد حذفت قالوا أحسست وكذلك سين أحس مع بعض الضمائر، تقول: أحست والكفر كفرهم بنبوته وطلب قتله ولذلك:

Shafi da ba'a sani ba