197

Tafsirin Nahr Madd

النهر الماد

Nau'ikan

أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت

[الغاشية: 17]، والاستفهام في باب التعليق لا يراد به حقيقته والكسوة هنا إستعارة في غاية الحسن استعارها هاهنا لما انشأ تعالى من اللحم الذي غطى به العظام، وهي استعارة عين لعين. وظاهر اللفظ ان أمره إياه بالنظر كان بعد تمام بعثه لأن الأمر كان بعد إحياء بعضه وتكرر الأمر بالنظر في الثلاث الخوارق ولم تنسق متعلقه نسق المفردات لأن كل واحد منها خارق عظيم ومعجز بالغ.

{ فلما تبين له } تبين: فعل لازم، فاعله مضمر يعود على كيفية الاحياء التي استغربها بعد الموت. وقدره الزمخشري فلما تبين له ما أشكل عليه يعني من إحياء الموتى، وينبغي أن يحمل على أنه تفسير معنى وتفسير الاعراب ما ذكرناه أولا. وقرىء تبين مبنيا للمفعول وله هو المقام مقام الفاعل. وقرىء اعلم مضارعا فيه ضميرا لمار وقال ذلك على سبيل الاعتبار. وقرىء اعلم أمرا من الله أو من الملك عن الله أو منه لنفسه نزلها منزلة الأجنبي المخاطب. وقرىء اعلم أمرا من أعلم أي قال الله له: اعلم غيرك بما شاهدت من قدرة الله.

[2.260]

{ رب أرني } استعطاف بين يدي السؤال. وأرني سؤال رغبة.

{ كيف تحيي الموتى } جملة في موضع المفعول الثاني لأرني إذ هي تتعدى الى اثنين بهمزة النقل. ورأى البصرية تعلق. ومن كلامهم أما ترى أي برق ضاء كما تعلق نظر البصرية. ولما قال لنمرود ربي الذي يحيي ويميت سأل ربه أن يريه عيانا كيف إحياء الموتى. والسؤال عن الكيفية يقتضي تحقق وتيقن ما سأل عنه وهو الاحياء.

{ قال أولم تؤمن } استفهام معناه التقرير أي قد آمنت. (قال) ابن عطية: إيمانا مطلقا دخل فيه فصل إحياء الموتى. فالواو واو الحال دخلت عليها ألف التقرير. " انتهى ". وكون الواو هنا للحال غير واضح لأنها إذا كانت للحال فلا بد أن يكون في موضع نصب وإذ ذاك لا بد لها من عامل فلا تكون الهمزة التي للتقرير دخلت على هذه الجملة الحالية إنما دخلت على الجملة التي اشتملت على العامل فيها، وعلى ذي الحال ويصير التقدير أسألت ولم تؤمن أي أسألت في هذه الحال. والذي يظهر أن التقدير إنما هو منسحب على الجملة المنفية وان الواو للعطف كما قال تعالى:

أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا

[العنكبوت: 67] ونحوه. واعتنى بهمزة الاستفهام فقدمت وقد تقدم لنا الكلام في هذا ولذلك كان الجواب ببلى في قوله: قال بلى. وقد تقرر في علم النحو ان جواب التقرير المثبت وان كان بصورة النفي تجريه العرب مجرى جواب النفي المحض فتجيبه على صورة النفي ولا يلتفت الى معنى الاثبات. وهذا مما قررناه ان في كلام العرب ما يلحظ فيه اللفظ دون المعنى ولذلك علة ذكرت في علم النحو. وعلى ما قاله ابن عطية: من أن الواو للحال لا يتأتى أن يجاب العامل في الحال، بقوله: بلى، لأن ذلك الفعل مثبت مستفهم عنه والجواب إنما يكون في التصديق بنعم وفي غير التصديق بلا، اما أن يجاب ببلى فلا يجوز وهذا على ما تقرر في علم النحو. قال الزمخشري: فإن قلت: كيف قال له أولم تؤمن وقد علم أنه أثبت الناس إيمانا. قلت: ليجيب بما أجاب به لما فيه من الفائدة الجليلة للسامعين وبلى إيجاب لما بعد النفي معناه بلى آمنت { ولكن ليطمئن قلبي } أي ليزيد سكونا وطمأنينة بمضامة علم الضرورة إلى علم الاستدلال وتظاهر الأدلة اسكن للقلوب وأزيد للبصيرة واليقين، ولأن علم الاستدلال يجوز معه التشكيك بخلاف العلم الضروري، فأراد بطمأنينة القلب: العلم الذي لا مجال فيه للتشكيك. انتهى كلامه.

وليس علم الاستدلال يجوز معه التشكيك كما قال بل منه ما يجوز معه التشكيك أما إذا كان من مقدمات صحيحة فلا يجوز معه التشكيك كعلمنا بحدوث العالم وبوحدانية الموجد فمثل هذا لا يجوز معه التشكيك.

Shafi da ba'a sani ba