{ أولو } الهمزة فيه للإنكار عليهم والتوبيخ والتعجب. ولو في مثل هذا التركيب تجيء تنبيها على أن ما بعدها غير شامل لما قبلها نحو: اعطوا السائل ولو جاء على فرس. والمعنى على كل حال ولو في هذه الحالة التي لا يناسب من جاء على فرس أن يعطي إذا سأل. وتجيء لاستقصاء الأحوال التي يقع عليها الفعل، ويدل على أن المراد بذلك وجود الفعل في كل حال حتى في هذه الحال التي لا تناسب الفعل، فالمعنى: إنكار اتباع آبائهم في كل حال حتى في الحالة التي لا يناسب أن يتبعوا فيها وهي تلبسهم بعدم العقل وعدم الهداية، ولما أعرضوا عن اتباع ما أنزل الله واتبعوا ما نشؤا عليه من تقليد آبائهم ذكر هذا التشبيه العجيب إذ صار في رتبة البهيمة أو في رتبة داعيها وقدر، ومثل داعي الذين كفروا لآلهتهم التي لا تفقه دعاءه، كمثل الناعق بغنمة لا ينتفع في نعيقه بشيء غير أنه في عناء ونداء، كذلك الكافر في دعائه الآلهة وعبادته الأوثان ليس له إلا العناء وقدر أيضا.
[2.171-173]
{ ومثل الذين كفروا } وداعيهم إلى الهدى.
{ كمثل الذي ينعق } والمنعوق به. شبه داعي الكفار براعي الغنم في مخاطبته من لا يفهم عنه وشبه الكفار بالغنم في كونهم لا ينتفعون بما دعوا إليه غير أصوات. حذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني وهو الذي ينعق ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول.
وتقدم { يا أيها الناس } ، وهنا أقبل على المؤمنين بندائهم وأباح لهم أكل ما رزقهم من الطيبات وأمرهم بالشكر على ذلك وكانت وجوه الطيبات كثيرة استطرد إلى ذكر المحرمات. وقرىء حرم وحرم وحزم والميتة بالتخفيف والتشديد، والظاهر أن المحذوف هو الأكل أي أكل الميتة لقوله: كلوا من طيبات. والميتة عام خص منه الحوت والجراد. قال ابن عطية: الحوت والجراد لم يدخل قط في هذا العموم " انتهى ".
فإن عني لم يدخل في دلالة اللفظ فلا نسلم له ذلك وإن عني لم يدخل في الارادة فهو كما قال، لأن المخصص يدل على أنه لم يرد به الدخول في اللفظ العام الذي خصص به.
وقال الزمخشري: فإن قلت في الميتات ما يحل وهو السمك والجراد، قلت: قصد ما يتفاهمه الناس ويتعارفونه على العادة ألا ترى أن القائل إذا قال: أكل فلان ميتة لم يسبق الفهم إلى السمك والجراد، كما لو قال: أكل دما لم يسبق إلى الكبد والطحال، ولاعتبار العادة والتعارف قالوا: من حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا لم يحنث وإن أكل لحما في الحقيقة. وقال تعالى:
لتأكلوا منه لحما طريا
[النحل: 14]. وشبهوه بمن حلف لا يركب دابة فركب كافرا لم يحنث وإن سماه الله دابة في قوله:
إن شر الدواب عند الله الذين كفروا
Shafi da ba'a sani ba