غَيْرِهِ فَابْتَاعَ بهِ شَيْئًَا لِنَفْسِهِ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ مُلْكَهُ عَلَيْهِ إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَلِذَلِكَ تُبَاعُ هَذِه الجَارِيَةُ، وُيجْبَرُ المَالُ مِنْ ثَمَنِهَا. وبِهَذا قَالَ أَصْبَغُ بنُ الفَرَجِ ... إلخ) (١).
٥ - إيرَادُهُ لِفَوَائِدَ حَدِيثيَّةٍ، كَقَولهِ في جَدِيثِ (أفطرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومِ): قال لي أبو مُحَمَّدٍ: (: لَيْسَ في هذا حَدِيثٌ صَحِيح، وقدْ رَوَى أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمةَ، عَنِ ابنِ عبَّاسٍ: (أَنَّ النبيَّ ﷺ احْتَجَمَ وَهُو صَائِمٌ) (٢).
وكقوله: (أَصَحُّ حَدِيثٍ يُرْوَى في صَلاَةِ الضُّحَى عَن النبيِّ ﷺ حدِيثُ أُمِّ هَانِى بنتِ أَبي طَالِبٍ حِينَ دَخَلَتْ على رَسُولِ اللهِ ﷺ بمَكَّةَ فَوَجَدَتْهُ يَغْتَسِلُ وفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُه بثَوْبٍ، وكَانَتْ تُمْسِكُ الثَّوْبَ مِنْ وَرَاءِهَا وتُوَلِّي ظَهْرَهَا للنبيِّ ﷺ لِئَلَّا تَرَاهُ عُرْيَانًا) (٣)، "وقدْ ذَكَرنا في المبحَثِ السَّابِقِ جُمْلَةً مِنَ الفَوَائِدِ الحَدِيثيِّةِ التي زَخَرَ بِها هذا الكِتَابُ المُسْتَطَابُ.
٦ - تَفْسِيرهُ للألفاظِ الغَرِيبةِ، كَقَوْلهِ مَثَلًا: (قالَ عِيسَى: الشِّطَاطُ عُودٌ مُحَدَّدُ الطَّرَفِ، والذَّكَاةُ بهِ جَائِزَةٌ عندَ الضَّرُورَةِ. قالَ: واللِّيطَةُ فِلْقَةُ القَصَبَةِ، والظُّرَرُ فِلْقَةُ الحَجَرِ، قالَ: فَكُلُّ مَا ذُبِحَ بهِ مِنْ هَذَا فَلاَ بَأْسَ بهِ إذا قَطَعَ الأَوْدَاجَ والحُلْقُومَ) (٤).
٧ - إيرادُ الأَحْكَام الفِقْهِيَّةِ المُسْتَنبَطَةِ مِنَ النُّصُوصِ الشَّرْعيَّةِ الوَارِدةِ، وهَذا هُوَ مَقْصَدُ المؤلِّفِ مِنْ تَألِيفِ كِتَابهِ، والأمثلة في هذا ظَاهِرَةٌ، ولكنْ هذا لَا يَمْنَعُ مِنْ ذِكْرِ مِثَالٍ له، فقدْ ذَكَرَ قَوْلَ عَائِشَةَ: (ما خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي أَمْرَيْنِ إلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إثْمًَا)، فقال: (فِيهِ مِنَ الفِقْهِ: رِفْقُ الإنْسَانِ بِنَفْسِهِ فِيمَا يُقَرِّبُهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى، لأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَسْتَدِيمُ بهِ العَمَلُ، وإذا حَمَّلَ نَفْسَهُ المَشَقَّةَ رُبَّمَا انْقَطَعَ فَلَمْ يَعْمَلْ شَيْئًَا، وفِيهِ: تَرْكُ الإثْمِ، وتَرْكُ الإثْمِ أَيْسَرُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ،