Bayanin Farin Ciki a Matsayin Ibadah
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Nau'ikan
{ وإذ قال موسى لقومه } عد نعمة أخرى فان توجه موسى اليهم وتذكيرهم بالتوبة وتعليمهم طريق التوبة نعمة عظيمة كما ان قبولهم لقوله (ع) وتوبتهم بقتل أنفسهم كانت نعمة عظيمة { ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل } الها { فتوبوا } عن ظلمكم وضلالكم بما برأتم { إلى بارئكم } التعليق على الوصف للاشعار بعلة التوبة والتنبيه على غاية الغباوة بالانصراف عن البارى الى المبروء { فاقتلوا أنفسكم } التى اقتضت الانصراف عن البارى الى المبروء الذى هو غاية الحماقة؛ فالمراد بالأنفس الأنفس المقابلة للعقول، او فاقتلوا وأفنوا أنانياتكم التى اقتضت الاستقلال بالآراء الكاسدة، او اقتلوا ذواتكم بقتل بعضكم بعضا. وما ورد فى الاخبار من أنهم أمروا ان يقتلوا أنفسهم بالسيوف وأنهم كانوا سبعين ألفا شهروا السيوف على وجوههم يدل على ذلك، مثل ما ورد ان العابدين كانوا ستمائة الف الا انثى عشر الفا وهم الذين لم يعبدوا العجل أمر الله اثنى عشر الفا لم يعبدوا العجل ان يقتلوا الذين عبدوا العجل فشهروا سيوفهم وقالوا: نحن أعظم مصيبته من عبدة العجل نقتل آباءنا وقراباتنا بأيدينا فنزل الوحى على موسى (ع) ان قل لهم: توسلوا بالصلاة على محمد (ص) وآله (ع) حتى يسهل عليكم ذلك فتوسلوا فسهل عليهم ذلك فلما استمر القتل فيهم وهم ستمائة الف الا اثنى عشر الفا واستسلموا لذلك وقف الله الذين عبدوا العجل على مثل ذلك فتوسلوا فتاب الله عليهم فرفع القتل. ونقل انه قتل منهم عشرة آلاف فوقفوا فرفع القتل { ذلكم } القتل { خير لكم عند بارئكم } كرر البارى للتذذ والتمكين واحضار الله بالوصف المخصوص تأكيدا لنسبة الغباوة اليهم بالانصراف عن عبادة البارئ الى عبادة المبروء.
اعلم ان اسم الله وسائر اسمائه تعالى قد تكرر فى الكتاب كثير تكرار، والوجه العام التمكين فى القلوب وتلذذ الموحى اليه بسماعه وذكره ويوجد فى خصوص المقامات دواع خاصة غير ذلك سواء اقتضت الدواعى اسماء خاصة مثل اقتضاء مقام التهديد الاسماء القهرية كالاسماء الدالة على الغضب والانتقام وسرعة الانتقام ومثل اقتضاء مقام الوعد الاسماء اللطفية اولا.
{ فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم }.
[2.55]
{ وإذ قلتم ياموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة } بجرأتكم على نبيكم وعلى ربكم وسوء أدبكم { وأنتم تنظرون } الى الصاعقة تنزل بكم فمتم.
[2.56]
{ ثم بعثناكم من بعد موتكم } اشارة الى ان البعثة كانت عن موت لا عن اغماء، وهذه الآية تدل على جواز الرجعة كما ورد الاخبار بها وصارت كالضرورى فى هذه الامة وقد احتج امير المؤمنين (ع) بها على ابن الكواء فى انكاره الرجعة، وورد انه سئل الرضا (ع) كيف يجوز ان يكون كليم الله موسى بن عمران لا يعلم ان الله لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال؟ - فقال: ان كليم الله علم أن الله منزه عن ان يرى بالابصار ولكنه لما كلمه وقربه نجيا رجع الى قومه فأخبرهم أن الله كلمه وقربه وناجاه فقالوا: لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعته؛ وكان القوم سبعمائة الف فاختار منهم سبعين الفا ثم اختار منهم سبعة آلاف ثم اختار منهم سبعمائة ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه؛ فخرج بهم الى طور سيناء فأقامهم فى سفح الجبل وصعد موسى الى الطور وسأل الله ان يكلمه ويسمعهم كلامه وكلمه الله وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وامام لان الله أحدثه فى الشجرة ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه فقالوا: لن نؤمن بأن هذا الذى سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عليهم صاعقة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا، فقال موسى (ع): ما أقول لبنى اسرائيل اذا رجعت اليهم وقالوا انك ذهبت بهم فقتلتهم؛ لانك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله اياك؟ فأحياهم وبعثهم فقالوا: انك لو سألت الله ان يريك تنظر اليه لاجابك فتخبرنا كيف هو ونعرفه حق معرفته فقال موسى (ع): يا قوم ان الله لا يرى بالابصار ولا كيفية له وانما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه فقالوا: لن نؤمن لك حتى تسأله، فقال موسى (ع): يا رب انك قد سمعت مقالة بنى اسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم فأوحى الله اليه يا موسى (ع): سلنى ما سألوك فلم أأخذك بجهلهم فعند ذلك قال موسى: رب أرنى أنظر اليك، قال: لن ترانى ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه وهو يهوى فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل بآية من آياته جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال: سبحانك تبت اليك يقول رجعت الى معرفتى بك عن جهل قومى وأنا اول المؤمنين منهم بأنك لا ترى.
وذكر فى الاخبار أن موسى اختار من قومه وهم سبعمائة ألف سبعين رجلا من خيار القوم بزعمه وقد وقع اختياره على الافسد مع ظنه أنهم الاصلحون واذا كان اختيار مثل موسى (ع) رسولا من اولى العزم واقعا على الافسد علمنا ان اختيار الخلق معزول عن تعيين الامام الذى ينبغى ان يكون أصلح الخلق.
وورد ان موسى (ع) لما اراد ان يأخذ عليهم عهد الفرقان فرق ما بين المحقين والمبطلين لمحمد (ص) بنبوته ولعلى (ع) والائمة بامامتهم قالوا لن نؤمن لك ان هذا امر ربك حتى نرى الله عيانا يخبرنا بذلك فأخذتهم الصاعقة معاينة فقال موسى: للباقين الذين لم يصعقوا اتقبلون وتعترفون والا فأنتم بهؤلاء لاحقون فقالوا: لا ندرى ما حل بهم فان كانت انما اصابتهم لردهم عليك فى أمر محمد (ص) وعلى (ع) فاسأل الله ربك بمحمد (ص) وآله (ع) ان يحييهم لنسألهم لماذا أصابهم ما أصابهم، فدعى الله موسى فأحياهم فسألوهم فقالوا: أصابنا ما أصابنا لابائنا اعتقاد امامة على (ع) بعد اعتقاد نبوة محمد (ص) لقد رأينا بعد موتنا هذا ممالك ربنا من سماواته وحجبه وعرشه وكرسيه وجنانه ونيرانه فما رأينا أنفذ أمرا فى جميع الممالك وأعظم سلطانا من محمد (ص) وعلى (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) وانا لما متنا بهذه الصاعقة ذهب بنا الى النيران فناداهم محمد (ص) وعلى (ع) كفوا عن هؤلاء عذابكم فانهم يحيون بمسئلة سائل سأل ربنا عز وجل بنا وبآلنا الطيبين (ع) قال الله لأهل عصر محمد (ص): فاذا كان بالدعاء بمحمد (ص) وآله الطيبين (ع) نشر ظلمة أسلافكم المصعوقين بظلمهم فانما يجب عليكم ان لا تتعرضوا لمثل ما هلكوا به الى ان أحياهم الله { لعلكم تشكرون } قد مضى وجه نسبة فعل الاسلاف الى الاخلاف وأنها بملاحظة السنخية بينهم وملاحظة رضا الاخلاف بفعل الاسلاف، ولما كان الشكر بمعنى ملاحظة المنعم فى النعمة او صرف النعمة فيما خلقت لاجله وكل منهما لا يمكن للمحتجب بالانانية والمقيد بالحياة الدانية عقب البعث الذى هو الحياة الالهية بعد الاماتة عن الحياة الدانية والخروج من الانانية بترقب الشكر.
[2.57]
Shafi da ba'a sani ba