الأحكام الشرعية
الحكم الأول: هل هذه الآية خاصة بأحبار اليهود والنصارى؟
الآية الكريمة نزلت في أهل الكتاب من أحبار اليهود، وعلماء النصارى، الذين كتموا صفات النبي عليه الصلاة والسلام كما دل على ذلك سبب النزول، ولكنها تشمل كل كاتم لآيات الله، مخف لأحكام الشريعة، لأن العبرة - كما يقول علماء الأصول - بعموم اللفظ لا (بخصوص السبب)، والآيات وردت عامة بصيغة اسم الموصول { إن الذين يكتمون } لذلك تعم.
قال أبو حيان: " والأظهر عموم الآية في الكاتمين، وفي الناس، وفي الكتاب، وإن نزلت على سبب خاص، فهي تتناول كل من كتم علما من دين الله، يحتاج إلى بثه ونشره.
وذلك مفسر في قوله صلى الله عليه وسلم:
" من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار "
وقد فهم الصحابة من هذه الآية العموم، وهم العرب الفصح، المرجوع إليهم في فهم القرآن، كما روي عن أبي هريرة: " لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم بحديث ثم تلا قوله تعالى: { إن الذين يكتمون مآ أنزلنا من البينات والهدى } " الآية.
الحكم الثاني: هل يجوز أخذ الأجر على تعليم القرآن وعلوم الدين؟
استدل العلماء من قوله تعالى: { إن الذين يكتمون مآ أنزلنا من البينات... } الآية على أنه لا يجوز أخذ الأجر على تعليم القرآن، أو تعليم العلوم الدينية، لأن الآية أمرت بإظهار العلم ونشره وعدم كتمانه، ولا يستحق الإنسان أجرا على عمل يلزمه أداؤه، كما لا يستحق الأجر على الصلاة، لأنها قربة وعبادة، لذلك يحرم أخذ الأجرة على تعليمها.
غير أن المتأخرين من العلماء لما رأوا تهاون الناس، وعدم اكتراثهم لأمر التعليم الديني، وانصرافهم إلى الاشتغال بمتاع الحياة الدنيا، ورأوا أن ذلك يصرف الناس عن أن يعنوا بتعلم كتاب الله، وسائر العلوم الدينية، فينعدم حفظة القرآن، وتضيع العلوم، لذلك أباحوا أخذ الأجور، بل زعم بعضهم أنه واجب للحفاظ على علوم الدين، وما هذه الأوقاف والأرصاد التي حبسها الخيرون إلا لغرض صيانة القرآن وعلوم الشريعة، وسبيل لتنفيذ ما وعد الله به من حفظ القرآن في قوله:
Shafi da ba'a sani ba