٣٢ - ومن فوائد هذه القصة: أن الله تعالى غفر لداود ﵇، وبيَّن ما لديه من الثواب لداود في قوله: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾.
٣٣ - ومن الفوائد لهذه الآية: إثبات العندية لله، وهي عندية قرب وعندية علم، ففي قوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ﴾ [الأنعام: ٥٩]، هذه عندية علم، وفي قوله تعالى: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ [الأنبياء: ١٩]، هذه عندية قرب، ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥)﴾.
٣٤ - ومن فوائدها أيضًا: الثناء على داود ﵊ بحسن مآبه، أي: مرجعه إلى الله، لقوله: ﴿وَحُسْنَ مَآبٍ﴾.
* * *
ثم قال الله تعالى: ﴿يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى﴾ يخاطب الله تعالى داود ﵊ بالنداء، والمخاطبة بالنداء يراد بها التنبيه، لأن هناك فرقًا بين أن تقول: محمد قام وبين أن تقول: يا علي محمد قام، ففي القول الثاني تنبيه، وإذا كان الكلام يحتاج إلى تنبيه فإنه دليل على أهميته. إذ إن الكلام الذي يهتم به يقدم بين يديه ما يكون به التنبيه، فالله ﷿ ينادي داود ﵊ تنبيهًا لما سيلقي عليه فيقول: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ﴾ أي: صيرناك، لأن جعل تارة يكون للتصيير، وتارة يكون للإيجاد كما في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ