Tafsir Al-Uthaymeen: Stories
تفسير العثيمين: القصص
Mai Buga Littafi
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣٦ هـ
Inda aka buga
المملكة العربية السعودية
Nau'ikan
فَلَا بُدَّ مِنْ قبولٍ وإذعانٍ، وإلَّا فليس بمؤمن لَا يُصَدِّقُ، فأبو طالب -مثلًا- مصدِّق برسالة الرَّسُولِ ﷺ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ، ولم يُذعِن.
وَفي قَوْلِهِ هَذَا كَذَلِكَ سُقوط؛ لأن الْإِيمَانَ لَيْسَ أن تصدِّق بوحدانية اللَّه، لكن أن تصدِّق بِكُلِّ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ الرَّسُولُ ﵊ أَنَّ الْإيمَانَ "أَنْ تُؤْمنَ بِاللَّهِ وَمَلَاِئكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" (^١)، فَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْكَانِ الستة فِي الْإِيمَانِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [أَدَّى الفَرَائِضَ]، وَفِي هَذَا أَيْضًا قُصور، بل الْعَمَلُ الصَّالِحُ هنا يشمل الفرائض والنوافلَ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ هُوَ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: الإخلاص والمتابعة؛ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: ٥]، فقوله: ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ هذا الإخلاص، و﴿حُنَفَاءَ﴾ هذه المتابعة؛ لأنَّ الحَنِيف هُوَ الَّذِي لَيْسَ بمائل، فَمَنْ خَرَجَ عَنِ المتابعة فهو مائل.
فالعمل الصالح إذن هو كُلُّ عَمَلٍ تضمَّن الإخلاص والمتابعة، وضدُّه الفاسد، وَهُوَ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَى الشِّرْكِ أو على البدعة، فَهَذَا لَيْسَ بعملٍ صالحٍ، فمَن جمَع هَذِهِ الْأَوْصَافَ الثَّلَاثَةَ ﴿فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ﴾: (عسى) مِن أفعال الترجِّي، لكنَّها بالنسبة للَّهِ ﷿ لَا تَكُونُ للترجِّي، بل تكون للتَّعلِيل، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: "عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ" (^٢). لِأَنَّ الْعِلَّةَ ملازِمة للمعلول، فَإِذَا وُجِدَتِ العلة ثبَتَ المعلول، فالعلة لِلفلاح هِيَ التَّوْبَةُ والإيمان، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ، فإذا وُجدِت هذه وُجِد الفلاحُ ﴿فَعَسَى أَنْ يَكُونَ﴾.
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي ﷺ، رقم (٥٠)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الإيمان ما هو، رقم (٩).
(^٢) تفسير القرطبي (٨/ ٩١).
1 / 298