فتكون الفائِدة لَفْظية، أم أن هناك فائِدةً مَعنوِيةً؟
الجوابُ: بلِ الأمران، وذلك لأن الحُكْم الأوَّل أشَدُّ وأبلَغُ؛ فلهذا قُدِّم مَفعولُه قال تعالى: ﴿فَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ والثاني دون ذلك؛ لأن الأسير ربما يُمَنُّ عليه بإِطْلاقه فقال: ﴿وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا﴾ هذا مع مُراعاة اللَّفْظ الذي هو مُراعاة الفواصِل -فواصِل الآيات-؛ ولهذا قال ﷾ في سورة البقَرة: ﴿فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ﴾ [المائدة: ٧٠].
فلمَّا كان التَّكذيب للرُّسُل شديدا قُدِّم فيه المَفعول كما قُدِّم المَفعول في قَتْلهم، فهذه قِصَّة الأحزاب انتَهَت على قوله تعالى: ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢٧].
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: مِنَّة أُخرى على المُؤمِنين، وهي إنزال هؤلاء الذين غدَروا من اليَهود من بني قُرَيْظةَ من حُصونهم التي تَحصَّنوا بها في قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن اليَهود والنَّصارى أعداءٌ للمُسلِمين مُوالون للمُشرِكين؛ لأن بني قُرَيظةَ والَوُا الأَحزابَ وظاهَروهم على رسول اللَّه ﷺ مع ما عليهم من العَهْد والمِيثاق الذي بينهم وبين رسول اللَّه ﷺ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن إلقاء الرُّعْب في القُلوب من أعظَمِ الهَزيمة؛ لقوله تعالى: ﴿وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: الإشارة إلى انحِطاط هؤلاء اليَهودِ وذُلِّهم ونُزُولهم من الأعلى