﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ رِياءً وسُمْعةً] ﴿وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ﴾: ﴿وَالْقَائِلِينَ﴾ مَعطوفةٌ على ﴿الْمُعَوِّقِينَ﴾ يَعنِي: يَعلَم القائِلين لإخوانهم: هلُمَّ إلينا. وهذا غيرُ التَّعويق؛ لأن المُعَوِّق هو الذي يَعرِض الشيء الذي يُعوّق الإنسان، لكن لا يَدْعوه، ولكن هؤلاءِ يَقولون لإخوانهم، فهو أَبلَغُ من التَّعويق.
وقوله تعالى: ﴿وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ﴾ هذه غَير المُعوِّقين، فليس عَطْفَ صفةٍ، ولكنه عَطْف ذاتٍ، والأصلُ في التَّعاطُف أن يَكونَ لتَغَيُّر الذوات، وقد يَكون لِتَغيُّر الصِّفات، وقد يَكون لِتَغيُّر اللَّفظ، ومنه قولُه:
. . . . . . . . . . . . . . . ... وَأَلْفَى قَوْلهَا كَذِبًا وَمَيْنًا (^١)
فمَا تَغيَّر المَعنَى، لكن تَغيَّر اللفظ.
وقوله تعالى: ﴿وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ هذا في المُنافِقين وسُمُّوا إخوانَهم في النَّسَب، وليسوا إخوانَهم في الدِّين اللهُمَّ إلَّا أن يُرَاد الأُخوَّة الظَّاهِرة، فإن هؤلاء يَتَظاهَرون بأنهم مُؤمِنون.
وقوله ﷾: [﴿هَلُمَّ﴾ تَعالَوْا ﴿إِلَيْنَا﴾] هَلُمَّ، هل هي فِعْل أَمْر أو اسْمُ فِعْل أمرٍ؛ اسمُ فعلِ أمير، لأن ليس كلُّ ما دل على الطلَب فهو فِعْل أَمْر، فالمَصدَر قد يَدُلُّ على الطلَب كما قُلت: ضَرْبًا زيدًا. لكن ما يَدُلُّ على الطلَب بذاته -يَعنِي: بغير أداة خارِجية- فإمَّا أن يَقبَل علامة فِعْلِ الأمر أو لا، فإن قبِلها فهو فِعْل أَمْر وإن لم يَقبَل فهو اسمُ فِعْل أمرٍ، أو قد يَكون مَصدَرًا نائِبًا عن الأمر، وقولنا: (بغَيْر أداةٍ خارجيةٍ) احتِرازًا من المُضارع المَقرونِ بلَام الأَمْر، فالمُضارع المَقرون بلام الأَمْر