الآية (١٤)
* قالَ اللَّه ﷿: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا﴾ [الأحزاب: ١٤].
* * *
قال اللَّه تعالى: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا﴾: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ﴾: (لو) هذه شَرْطية، وفِعْل الشَّرْط فيها ﴿دُخِلَتْ﴾، وجوابُ الشَّرْط: ﴿لَآتَوْهَا﴾، ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا﴾ نائِب الفاعِل فسَّره المُفَسِّر ﵀ [بالمَدينة]، يَعنِي: لو دُخِلَتِ المدينة عليهم من أَقْطارها، وتَفسيره إيَّاها بالمدينة يُؤيِّده قوله تعالى في أول الآية: ﴿يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ﴾.
وفسَّره بعضُهُم بالبُيوت أي: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ﴾ البُيوت ﴿مِنْ أَقْطَارِهَا﴾، ويُؤَيِّد هذا التَّفسيرَ قوله تعالى: ﴿إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾، لكن يُرجّح الأوَّل أنها المدينة قوله تعالى: ﴿مِنْ أَقْطَارِهَا﴾؛ لأن الغالِب أن كلِمة ﴿مِنْ أَقْطَارِهَا﴾ لا تَأتِي للبُيوت؛ لأن البُيوت صَغيرة، فجِهاتُها لا يُطْلَق عليها قُطْر، وإنما الأقطار تَكون في الشيء الكبير؛ ولهذا قال ﵀: [﴿مِنْ أَقْطَارِهَا﴾ أي: نَواحيها]، يَعنِي: لو دخَل العَدوُّ المدينةَ من نواحيها كلِّها، أو مِن أيِّ ناحيةٍ منها [﴿ثُمَّ سُئِلُوا﴾ أي: سأَلهم الداخِلون الفِتْنة، ﴿لَآتَوْهَا﴾ بالمَدِّ والقَصْر أي: أَعطوها].
وقوله تعالى: ﴿سُئِلُوا الْفِتْنَةَ﴾ نائِب الفاعِل المُنافِقون، والسائِل -الفاعِل