214

Tafsir Sadr al-Muta'allihin

تفسير صدر المتألهين

Nau'ikan

وقيل: هو عبارة عن تمكين الحيوان من الانتفاع بالشيء، وهذا مذهب أبي الحسين البصري وسائر المعتزلة، ولهذا ذهبوا الى أن الحرام لا يكون رزقا، وذلك لأنهم استحالوا من الله أن يمكن من الحرام، بدليل أنه منع من الانتفاع بالحرام، وأمر بالزجر عنه، وبما ذكره صاحب الكشاف في هذه الآية من قوله: " إسناد الرزق الى نفسه للإعلام بأنهم ينفقون الحلال الطلق الذي يستأهل أن يضاف الى الله ويسمى رزقا منه ".

وبقوله تعالى:

قل أرأيتم مآ أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا

[يونس:59]. إذ قد بين ان من حرم رزق الله فهو مفتر عليه، فثبت ان الحرام لا يكون رزقا.

وبما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن رجلا قال له:

" إن الله كتب علي الشقوة أفلا أراني أرزق إلا من دفي بكفي، فأذن لي في الغناء من غير فاحشة؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا إذن لك ولا كرامة ولا نعمة، كذبت يا عدو الله، لقد رزقك الله طيبا، فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه مكان ما أحل الله لك من حلاله، أم إنك لو قلت بعد هذه النوبة، ضربتك ضربا وجيعا ".

والجواب: أما عن الأول، فبأن المنع الشرعي للكل عن الحرام، لا يناقض السياق القدري لبعض الأشخاص إليه، وتحقيق هذا المقام يحتاج الى مسلك آخر غير علم الكلام.

وأما عن الثاني: فبأن إسناد الرزق الى الله على سبيل التشريف والتحريض على الإنفاق، وإن كان الحرام رزقا أيضا، كما يقال: يا خالق العرش والكرسي، [ولا يقال] يا خالق الكلاب والخنازير، وكقوله:

يشرب بها عباد الله

[الإنسان:6]. فخص العباد بالمتقين وإن الكفار من العباد.

Shafi da ba'a sani ba