" اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف "
فأصابهم الجهد حتى أكلوا الجيف والعلهن وكان الرجل منهم يرى بين السماء والأرض الدخان، وكان يحدث الرجل الرجل يسمع كلامه ولا يراه من الدخان، فمشى إليه أبو سفيان ونفر معه وناشده الله والرحم، وواعده إن دعا لهم وكشف عنهم أن يؤمنوا فلما كشف عنهم رجعوا إلى الشرك، بدخان مبين ظاهر حاله لا يشك أحد في أنه دخان، وقيل: إن هذا الدخان يوم القيامة أو يكون من علامات الساعة لأنه تعالى أخبر أن دخان يأتيهم وهو عذاب وفي سنين القحط ما كان هناك دخان { يغشى الناس } يشملهم ويلبسهم { هذا عذاب أليم } { ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون } قيل: ان أبا سفيان تضرع إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى دعا فكشف الله ذلك { أنى لهم الذكرى } حين لا تنفعهم التوبة في الآخرة بعد زوال التكليف وأبعد على الدنيا فمعنى لا يتذكرون ولا يتعظون { ثم تولوا عنه } أعرضوا عنه { وقالوا معلم مجنون } أي يعلمه غيره من أهل الكتاب ووصفوه بالجنون وهو زوال العقل على اعتقاد أن الجن تخالط وتزيل العقل كما يعتقده العوام { إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون } في العذاب، وقيل: في الضلال فمن ذهب إلى أن الدخان في القيامة قال عائدون في العذاب، ومن ذهب إلى أنه في الدنيا مع بقاء التكليف قال عائدون إلى الشرك { يوم نبطش البطشة الكبرى } أي نأخذ الأخذ الأعظم، قيل: هو يوم القيامة، وقيل: هو يوم بدر، قال في الحاكم: والوجه الأول { إنا منتقمون } أي نعذبهم جزاء أعمالهم { ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون } أي عاملناهم معاملة المختبر، وقيل: عذبناهم، قيل: قوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) { وجاءهم رسول كريم } يعني موسى، ومعنى كريم أي شريف { أن أدوا إلي عباد الله } أي قال لهم موسى: أدوا إلي عباد الله أي ادفعوا إلي عباد الله وهم بنو إسرائيل { ولا تعذبهم } ، وقيل: أدوا إلي عباد الله ما آمركم به، أي أسلموا { إني لكم رسول أمين } أي أنصحكم.
[44.19-36]
{ وأن لا تعلوا على الله } قيل: لا تكبروا على الله بترك طاعته، وقيل: لا تعلوا على أولياء الله بالبغي عليهم، وقيل: لا تكبروا على الله { إني آتيكم بسلطان مبين } بحجة ظاهرة، قيل: العصا واليد { وإني عذت بربي وربكم } أي اعتصمت بربي وربكم { أن ترجمون } قيل: بالحجارة، وقيل: بالشتم بالقول، فقالوا: ساحر كذاب { وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون } يعني جئتكم برسالة من ربكم فإن لم تصدقوني فاعتزلون خلوا سبيلي ولا تقبلون ولا تستمعون { فدعا ربه } يعني موسى لما أيس منهم فقال: { أن هؤلاء قوم مجرمون } مصرون على كفرهم فأوجبت، وأوحى الله إليه أن { أسر بعبادي ليلا إنكم متبعون } يتبعكم فرعون وقومه { واترك البحر رهوا } إذا قطعته أنت وأصحابك قيل: ساكنا كما كان، والرهو الساكن، وقيل: المفتوح المنكشف، وقيل: إن قوما سألوه ألا يترك البحر مفتوحا لئلا يدخل فرعون فأمره الله أن يتركه كما هو: { إنهم جند مغرقون } { كم تركوا من جنات وعيون } جارية، يعني فرعون وقومه { وزروع ومقام كريم } قيل: مجلس شريف، وقيل: مقام الملوك، وقيل: المنازل الحسنة، وقيل: المنابر، وقيل: المقام المزخرف بالزينة { ونعمة } أي عطية وسرور { كانوا فيها فاكهين } لاعمين ناعمين { كذلك } كان الأمر فيهم، وقيل: كذلك فعلنا بهم ونفعل بأمثالهم { وأورثناها قوما آخرين } أي أعطيناها بني إسرائيل { فما بكت عليهم السماء والأرض } فيه أقوال: قيل: أهل السماء وأهل الأرض، قال الحسن وأبو علي: ما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون بل كانوا بهلاكهم فرحين، وقيل: لو كانت السماء والأرض مما يبكيا على أحد لم يبك عليهم ما يبك على المؤمن إذا مات من مصلاه ومصعد عمله، وفي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" ما من مؤمن مات في خير عمله غابت فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض "
{ ولقد نجينا } أي خلصنا { بني إسرائيل من العذاب المهين } وهو ما نالهم { من فرعون } من الأعمال الشاقة { إنه كان عاليا } أي متكبرا { من المسرفين } مجاوز للحد { ولقد اخترناهم على علم على العالمين } أي وأنا عالم بحالهم، وقوله: على العالمين أي على عالمي زمانهم { وآتيناهم من الآيات } من الحجج من فلق البحر والجراد { ما فيه بلاء مبين } نعمة ظاهرة لأن الله تعالى يبلو بالنعمة كما يبلو بالمعصية وهو ما فعل لهم من المن والسلوى والغمام وفلق البحر، وقيل: الابتلاء بالشدة والرخاء، وقيل: الآيات المعجزات وفيه نعمة على الأنبياء وعلى قومهم { إن هؤلاء ليقولون } هم المشركون أهل مكة والعرب { إن هي إلا موتتنا الأولى } يعني نموت ثم لا بعث ولا نشور { فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين }.
[44.37-59]
{ أهم خير } يعني مشركو مكة خير أعز وأمنع وأكثر مالا وعددا { أم قوم تبع } الحميري كان مؤمنا وقومه كافرون، ولذلك ذم الله قومه ولم يذمه، وهو الذي سار بالجيوش أو خير الخيرة وبنى سمرقند، وقيل: هدمها، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم "
وعنه:
Shafi da ba'a sani ba