251

Tafsirin Acqam

تفسير الأعقم

Nau'ikan

أتجعل فيها من يفسد فيها

[البقرة: 30] فما علمت ما كانوا فيه إلا بوحي من الله تعالى، وهذا محمول أنهم تناصروا أولا فيما بينهم ثم دعوا الله فبين لهم، وقيل: اختصامهم فيما طريقه الاجتهاد، وقيل: بل على طريق المذاكرة لأن بعضهم أعلم من بعض، وقد يجتمع أهل الحق للمناظرة مع اتفاقهم على كلمة واحدة وهم على كلمة الحق، ولما تقدم ذكر مخاصمة الملأ الأعلى في حديث آدم بين تعالى ذلك فقال سبحانه: { إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا } أي آدم { من طين } فإنما تصير تلك الأجزاء بشرا بما يخلق فيه من التأليف والحياة { فإذا سويته } أي خلقته وتم خلقي إياه { ونفخت فيه من روحي } أي أحييته وجعلت فيه الروح وهو النفس المترددة { فقعوا له ساجدين } وقد قدمنا ما قالوا فيه وأنه سجدة التحية لا سجدة العبادة { فسجد الملائكة كلهم أجمعون } { إلا ابليس استكبر وكان من الكافرين } لأنه مأمور معهم بالسجود ولم يكن منهم بل كان من الجن وخلق من النار والملائكة من الريح { قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي } قيل: خلقته من غير واسطة، وقيل: بنعمتي نعمة الدين والدنيا، أو نعمة الظاهرة والباطنة، أو خلقته للدين والدنيا ليكون هو وذريته خلفاء الأرض { استكبرت أم كنت من العالين } { قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } وفضل النار على الطين وذلك خطأ منه { قال فاخرج منها } ، قيل: من الجنة، وقيل: من السماء، وقيل: من الخلقة التي أنت فيها لأنه كان يفتخر بخلقه فغير الله خلقه فاسود بعدما كان أبيض وأقبح بعدما كان حسنا { فإنك رجيم } ، قيل: مطرود، وقيل: مرجوم بالشهب { وإن عليك لعنتي } على لسان عبادي إذ أمرتهم بلعنك { إلى يوم الدين } يعني لا تنقطع الى يوم القيامة { قال رب فانظرني } أي امهلني وأخرني { إلى يوم يبعثون } يوم القيامة يبعث فيه الخلق { قال فإنك من المنظرين } { إلى يوم الوقت المعلوم } والذي أضيف إليه اليوم وهو الذي يقع فيه النفخة الأولى، ومعنى المعلوم أنه معلوم عند الله معين لا يستقدم ولا يستأخر، وقد قدمنا ما قالوا فيه في سورة الأعراف { قال فبعزتك } أقسم بالله { لأغوينهم } يعني بني آدم كلهم { أجمعين } تأكيد { إلا عبادك منهم المخلصين } وإنما استثناهم لعلمه بأنهم لا يقبلون فأيس منهم { قال } سبحانه { فالحق والحق أقول } والمراد بالحق أنا اسمه في قوله تعالى:

إن الله هو الحق المبين

[النور: 25] والحق الذي هو يقبض الباطل، وقيل: لما أقسم على اغوائهم أقسم الله تعالى أنه يدخله ومن معه النار فقال سبحانه: { فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين } من بني آدم { قل } يا محمد { ما أسألكم } أيها الناس على تبليغ الوحي والرسالة { من أجر } أي لا طمع لي فيكم { وما أنا من المتكلفين } المقولين القرآن من قبل نفسي، وقيل: لا أتكلف أمرا لم يأمرني به الله، قال جار الله: المتكلفين الذين يتصنعون ويتحلون بما ليسوا من أهله وما عرفتموني قط متصنعا ولا مدعيا ما ليس عندي، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

" للمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم "

{ ولتعلمن نبأه بعد حين } أي ما يأتيكم عند الموت، أو يوم القيامة، أو عند ظهور الاسلام { ولتعلمن } صحة خبره ووعده ووعيده { بعد حين } بعد مدة ودهر.

[39 - سورة الزمر]

[39.1-4]

{ تنزيل الكتاب } أي هذا القرآن المنزل تنزيل { من الله } أنزله فاعلموا أنه { العزيز } القادر الذي لا يمتنع عليه { الحكيم } الذي أحكمه لأنه يحكم أقواله وأفعاله، وقيل: معناه العليم أنزله وهو عليم بما تقتضيه الحكمة { إنا أنزلنا إليك } يا محمد { الكتاب بالحق } لأن جميع ما فيه حق من الأخبار والأوامر والوعد والوعيد { فاعبد الله } وحده كما أمرتم { مخلصا له الدين } بمعنى أخلصوا العبادة له لا تعبدوا غيره { ألا لله الدين الخالص } ، قيل: جميع العبادات خالصة له لا يستحقها إلا هو، وعن قتادة: الدين الخالص شهادة أن لا إله إلا الله، وعن الحسن: الاسلام { والذين اتخذوا من دونه أولياء } وهي الأصنام والملائكة وعيسى، والمتخذ هم الكفرة { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } ، قيل: كانوا إذا قيل لهم: من خلقكم وخلق السماوات والأرض؟ قالوا: الله، فإذا قيل: ما معنى عبادتكم الأوثان؟ قالوا: يقربنا إلى الله زلفى يشفع لنا عند الله تعالى: { إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون } من أمر الدين فيثيب المحق ويعاقب المبطل { إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار } أي لا يهدي طريق النجاة، وقيل: لا يحكم بالهداية لمن كان كافر { لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء } يعني لو أراد اتخاذ الولد لامتنع ولم يصح لكونه محالا ولم يتأت إلا أن يصطفي من خلقه بعضه ويختصهم ويقربهم كما يختص الرجل ولده ويقربه، وقد فعل ذلك في الملائكة فافتتنتم به وغركم اختصاصه إياهم فزعمتم أنهم أولاده جهلا منكم به، كأنه قال: لو أراد اتخاذ الولد لم يزد على ما فعل من اصطفائه الملائكة وما شاء من خلقه، إلا أنكم لجهلكم حسبتم أنه اصطفاهم اتخذهم أولادا فكنتم كافرين متتابعين بالافتراء على الله وملائكته { سبحانه } أي تنزيها له { هو الله الواحد القهار } فوق عباده بالقدرة.

[39.5-8]

Shafi da ba'a sani ba