[38.35-44]
{ قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب } ، قال جار الله: دعاه فقال: { فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب } { والشياطين } أي سخرنا { كل بناء وغواص } يغوصون في البحر ويستخرجون اللآلئ والحلي { وآخرين } هم المردة الكفرة { مقرنين في الأصفاد } ، قيل: القيود، وقيل: الأغلال، وقيل: السلاسل تجمع اليدين إلى العنق { هذا عطاؤنا } يا سليمان { فامنن } اعط { أو أمسك } ولا تعط { بغير حساب } أي أعط كما شئت أو أمسك كما شئت بغير حساب { وإن له عندنا لزلفى } لقربى { وحسن مآب } أي حسن مرجع { واذكر عبدنا } إضافة إلى نفسه تشريفا لأيوب { إذ نادى ربه } دعاه { أني مسني } الضر { الشيطان بنصب } ومشقة { وعذاب } بوسوسة يقول: ذهب الأهل والمال وطال مرضك، وذكر في سبب بلائه أن رجلا استغاثه على ظالم فلم يغثه، وقيل: كانت مواشيه في ناحية ملك كافر فداهنه، وقيل: أعجب بكثرة ماله { اركض برجلك } أي اضرب برجلك الأرض فنبعت عين فقيل له: { هذا مغتسل بارد وشراب } أي هذا ما يغتسل به ويشرب منه، وقيل: نبعت له عينان فاغتسل من أحدهما وشرب من الأخرى فذهب الداء من ظاهره وباطنه بإذن الله، قيل: ضرب برجله اليمنى فنبعت عين فاغتسل منها ثم اليسرى فنبعت باردة فشرب منها { ووهبنا له أهله } أعطيناه، وقيل: زال وجعه ورجع أهله، وقيل: كانوا مائة فأحياهم، ويخيل أنهم كانوا مرضى فشفاهم، وقيل: عافاه وقواه حتى كثر ماله وأولاده { رحمة منا } أي نعمة على أيوب { وذكرى لأولي الألباب } أي تذكرة وموعظة لذوي العقول { وخذ بيدك ضغثا } أي قلنا خذ بيدك ضغثا والضغث الحزمة الصغيرة من حشيش أو ريحان أو غير ذلك، وعن ابن عباس (رضي الله عنه): قبضه من الشجر كان حلف في مرضه ليضرب امرأته إذا برئ فحلل الله يمينه بأهون شيء عليه وعليها لحسن خدمتها وهذه الرخصة ثابتة، وكان السبب في يمينه أنها أبطأت عليه ذاهبة في حاجة فضاق صدره، وقيل: باعت ذوابتها برغيفين وكانت متعلق أيوب (عليه السلام) إذ قام، وقيل: قال لها الشيطان: اسجدي لي سجدة فأرد عليكم أموالكم وأولادكم فأدركتها العصمة فذكرت ذلك له فحلف { إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب }.
[38.45-64]
{ واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب } ، قيل: اذكرهم بفضلهم وصبرهم لتسلك طريقهم { أولي الأيدي } أي ذو القوة على العباد { والأبصار } الفقه في الدين، وقيل: أولوا العلم والعمل { إنا أخلصناهم } جعلناهم لنا خالصين { بخالصة ذكرى الدار } يعني ذكرهم الآخرة ورغبهم فيها وتزهيدهم في الدنيا كما هم ببيان الأنبياء، وقيل: اخلصوا ذكر الله وأخلص الله قلوبهم لذكر دار الآخرة، وقيل: ذكر الدار يعني ذكر الناس لهم بالثناء الحسن الذي ليس لغيرهم من أجل قيامهم بالنبوة { وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار } المختارين للنبوة الأخيار في الدنيا للمنزلة الرفيعة وفي الآخرة بالدرجة العظيمة { واذكر اسماعيل واليسع } أي يسع الحكمة والعلم ومعرفة الله تعالى { وذا الكفل } ، قيل: ذا الضعف من الثواب قال تعالى:
يؤتكم كفلين من رحمته
[الحديد: 28] قيل: هو زكريا تكفل بأمرهم، وقيل: هو حزقيل { وكل من الأخيار } وكلهم من الأخيار { هذا ذكر } أي هذا نوع من الذكر وهو القرآن، وقيل: معناه هذا شرف وذكر جميل تذكرون به، وعن ابن عباس: { هذا ذكر } من مضامن الأنبياء { وإن للمتقين } من يتقي المعاصي { لحسن مآب } مرجع وهو الجنة، والمآب أحسن مكان، فسره فقال: { جنات عدن مفتحة لهم الأبواب } { متكئين فيها } يعني جالسين آمنين جلسة الملوك { يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب } { وعندهم قاصرات } قصرن أعينهن على أزواجهن { أتراب } ، قيل: أقران على سن واحد ليس فيهن عجوز { هذا ما توعدون ليوم الحساب } { إن هذا لرزقنا ما له من نفاد } أي انقطاع، أي { هذا } الثواب للمتقين { وإن للطاغين } العصاة { لشر مآب } مرجع ولا مآب أشر من نار تلظى { جهنم يصلونها } أي يصيرون وقود جهنم { فبئس المهاد } أي بئس الفراش { هذا فليذوقوه حميم وغساق } ، قيل: هو القيح الذي يسيل منهم، وقيل: هو عين في جهنم يسيل اليها كل ذات حمة من حيات وعقارب، وقيل: هو ما يسيل من دموعهم يسبقونه نعوذ بالله منه ونستجير { وآخر من شكله } أي من ضعف العذاب وجنسه في الشدة، وقيل: هو الزمهرير، وقيل: السلاسل والأغلال { أزواج } أجناس { هذا فوج } جماعة { مقتحم معكم } النار، وهذه حكاية كلام الطاغين بعضهم مع بعض أي يقولون هذا، والمراد الفوج اتباعهم الذين اقتحموا معهم الضلالة فيقحمون معهم العذاب { لا مرحبا بهم } دعا منهم على اتباعهم يقولون لمن دعا عليهم لا مرحبا أي لا رحبا من البلاد، ونحو قوله تعالى:
كلما دخلت أمة لعنت أختها
[الأعراف: 38]، وقيل: هذا فوج مقتحم كلام الخزنة لرؤساء الكفار في اتباعهم لا مرحبا بهم، فقالوا: النار كلام الرؤساء، وقيل: هذا كله كلام الخزنة { قالوا } اي الاتباع { بل أنتم لا مرحبا بكم } يريدون الدعاء الذي دعوتم به علينا أنتم أحق به، وعللوا بقولهم: { أنتم قدمتموه لنا } والصبر للعذاب أو لصلبهم { فبئس القرار } { قالوا } يعني الأتباع { ربنا من قدم لنا هذا } من شرع لنا هذا وهم القادة والرؤساء { فزده عذابا ضعفا } على عذابنا { في النار } ، وقيل: حيات وأفاعي { وقالوا } يعني الكفار، وقيل: صناديد قريش { ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار } مثل بلال وصهيب وعمار وغيرهم يعنون بذلك فقراء المسلمين { اتخذناهم سخريا } وليسوا كذلك فلم يدخلوا النار { أم زاغت } أبصارنا عنهم وهم فيها، وقيل: يجوز أنهم علموا أنهم استحقوا الثواب لإيمانهم ولأنهم كانوا أعداء فلا بد من انصاف، قالوا: معناه الآية أم بمعنى بل، زاغت: مالت أبصارنا عنهم ولا شك أنهم في الجنة، وقيل: بل هو خطاب الأتباع والقادة، يعني أيا من كنتم تقولون أنهم أشرار وكنا نسخر منهم بقولكم { إن ذلك لحق تخاصم أهل النار } يعني تخاصمهم على ما تقدم من قولهم لا مرحبا بكم، أو قولهم اتخذناهم سخريا.
[38.65-88]
{ قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار } على ما يشاء { رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار } الذي لا يمتنع عليه شيء، الغفار يستر ذنوب عباده { قل } يا محمد { هو نبأ عظيم } ، قيل: القرآن وصفه بالعظمة لما فيه من الزجر والأجر والأحكام والتوحيد والعدل والقصص والشرائع وجميع ما يحتاج إليه، وقيل: هو يوم القيامة عن الحسن، قال جار الله: هو نبأ عظيم أي هذا الذي أنبأتكم به من كوني رسولا منذرا وأن الله وحده لا شريك له نبأ عظيم لا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة { ما كان لي من علم بالملأ الأعلى } هم الملائكة وآدم وإبليس { إذ يختصمون } في حديث آدم وقالوا:
Shafi da ba'a sani ba