Tacbiriyya
التعبيرية في الشعر والقصة والمسرح
Nau'ikan
الابن :
لقد كلفتني الحياة أن أنتصر عليك! ولا بد أن أحقق هذا التكليف. إن سماء لا تعرفها تؤيدني وتقف بجانبي.
الأب :
أنت تجدف!
الابن (بصوت مرتعش) :
إني أفضل أن آكل الحجارة على أن آكل من خبزك.
ويستمر الجدل المحموم بينهما حتى يقرر الأب أن يحبسه في غرفته إلى أن يتم شفاؤه من مرضه. ويفرض عليه أن يبقى في مدرسته ويتم امتحانه وإلا حرمه من الإرث وبدده بنفسه قبل أن يقع في يد ابن يلطخ اسمه بالعار. ثم يتركه ولا ينسى أن يغلق الحجرة بالمفتاح قبل أن يتمنى له نوما سعيدا! ولكن الصديق لا يلبث أن يظهر وراء النافذة، ويزين له الهروب إلى العالم الواسع حيث يعانق الحياة والأبد، وينضم إلى جيش الثورة الزاحف لإسقاط الآباء من فوق عروشهم! ويخرج الابن من دولابه بذلة سوداء يستقبل بها الحياة الجديدة، بينما تشتعل أنوار المدينة خلفه، وترتعش الجملة الأخيرة من سيمفونية بيتهوفن التاسعة، ويغني الكورس هذا المقطع من أنشودة شيلر إلى الفرح: أيها الأخوة سيروا على طريقكم، فرحين كما يسير البطل إلى النصر ... وتأتي المربية الشابة لتحضر له الطعام فيعلنها بعزمه على الانطلاق إلى الآفاق المضيئة والليل المصطخب بالعطر والموسيقى، والمواكب الزاحفة إلى مستقبل لا يتحكم فيه الآباء (الموت للآباء الذين يحتقروننا!) ولكن تنهار فيه كل السجون؛ ويختفي من النافذة بعد أن تشيعه المربية بالإشفاق والدعاء.
ولكن رحلة المغامر الصغير لا تستمر سوى يوم واحد! فالفصل الثالث يقدم لنا شخصيات غريبة، تتزعم جمعية لا تقل غرابة يسميها أصحابها «جمعية المحافظة على السعادة»، وزعيمها يتدبر الخطبة التي سيفاجئ بها زوار الحفلة التي يقيمها، ويستعد لإعلان صيحاته المنذرة بتحطيم كل القيود وإطلاق كل الشهوات من جحورها وإسقاط كل السلطات عن عروشها! يحدث زميله عن مخاوفه من «الصديق» وشكوكه في أمره.
ولا يلبث الصديق أن يظهر فيهدد بإفساد الخطبة الموعودة ويهزأ بالجماعة كلها، ثم يلح عليه الأعضاء فيرضى بشرط أن يلقي هو خطبته أو يسمح لثالث بإلقاء خطبته. ولا يكون هذا الثالث غير «الابن» الذي يدخل الحفل دخول الوسيط الذي أخضعه المنوم المغناطيسي لتأثيره الفظيع، ولم يكن هذا المنوم إلا الصديق نفسه . ويلقي الابن خطبته الهائلة التي يعلن فيها الحرب على كل الآباء ويطالب بمحاكمتهم والتحرر منهم! ويهلل الحاضرون ويصفقون، ويغمرون يديه بالقبلات، ويحمله الشباب فوق أكتافهم ويخرجون به إلى الشوارع في موكب الأبطال. وتنشر الجرائد في اليوم التالي أخبار الحادث الرهيب على صفحاتها الأولى ... ونعرف بعد ذلك أن الابن قد جرب تجربته الأولى والأخيرة مع النساء؛ فقد قضى الليلة في حضن مومس ذكية سمعها توصي الآباء أن يرسلوا أبناءهم ليتعلموا الحياة في أحضان المومسات! ويأتي الصديق فيوقظ الابن الحالم من غيبوبته، ويتحدث إليه كما كان يوحنا المعمدان يتحدث عن المخلص الذي سيأتي بعده، وينبئه بأنه هو النبي الذي كتب عليه أن يقود مواكب الثورة على الآباء؛ ليبدأ عصر الشباب والحرية والحياة بغير حدود أو قيود. ثم يكشف له الصديق عن سره المخيف؛ فرجال الشرطة في طريقهم للقبض عليه، وهو الذي أخبرهم! فإذا فزع الابن قال له الصديق: إنه تعمد ذلك لكي يدفعه إلى تقديم الضحية التي ستقدم على مذبح الإله الجديد. وليست هذه الضحية غير أبيه الذي يحرضه على قتله!
الابن :
Shafi da ba'a sani ba