بالله من الخذلان (^١) - وفي هذا يقول أبو زرعة الرازي: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا أصحاب رسول الله ﷺ فاعلم أنه زنديق، وذلك أن من الرسول عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله ﷺ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة" (^٢).
ولأجل هذه المعاني والسمات وغيرها في تاريخ الصحابة ﵃ مع مالهم على المسلمين من الحق الواجب الرعاية، فإنه يتوجب على الدارسين، العناية بتاريخهم، والتعرف على فضائلهم وجهادهم وجهودهم في نشر الدين وتحقيق ذلك وتنقيته مما أُدْخِل عليه من أصحاب الأهواء والأغراض، حتى يبقى مشرقًا صالحًا للأسوة والقدوة كما هو الواقع الحقيقي.
ومساهمة مِنّي في هذا الميدان، اخترت تحقيق ودراسة "الطبقة الخامسة من طبقات الصحابة" في كتاب الطبقات الكبرى لأبي عبد الله محمد بن سعد كاتب الواقدي ليكون موضوع الرسالة التي أتقدم بها للحصول على درجة "الدكتوراه" في التاريخ الإسلامي، وهذه الطبقة لم يسبق نشرها، فقد سقطت من الطبعات السابقة لكتاب الطبقات الكبرى، ولا شك أن نشرها يُسهم في إكمال واحدٍ من أهم وأقدم كتبنا التراثية، بل ربما كان أقدم كتاب وصل إلينا في علم الطبقات وتراجم الصحابة - لا تكاد تخلو منه مكتبة عامة، ولا خاصة، فكل هذه الدوافع كانت سببا في اختياري لهذا الموضوع، وقد علمت نقص هذه الطبقة من كتاب الطبقات الكبرى أثناء دراستي للكتاب ضمن المؤرخين الذي درست مناهجهم في القرون الثلاثة الأولى في الرسالة التي أعددتها لنيل درجة "الماجستير" في التاريخ الإسلامي،
_________
(^١) فاروق حمادة: مقدمة فضائل الصحابة للنسائي (ص: ٧).
(^٢) الخطيب البغدادي: الكفاية في علم الرواية (ص: ٩٧).
1 / 11