• عقيدته:•
عاصر ابن سعد حركة انتعاش المذهب الاعتزالي الذي تبنته السلطة الحاكمة وحاولت فرضه على الأمة بقوة السلطان، وذلك في عهد الخلفاء العباسيين، المأمون، والمعتصم، والواثق (١٩٨ - ٢٣٢ هـ) وكانت أكبر المسائل في هذا المذهب القول بخلق القرآن الكريم إنكارًا منهم لصفات الله ﷾، ومنها صفة الكلام، وقد واجه علماء السنة والأثر هذه المقولة بشدة وأنكروها وكفروا القائل بها (^١)، فحاول المأمون انتزاع إقرار العلماء بالقوة وامتحانهم بهذه المسألة وأن لا يتولى القضاء والشهود والتدريس إلّا من أقر بها (^٢).
وكان ابن سعد من وجوه العلماء والمحدثين في بغداد في تلك الفترة، فقد كان أحد السبعة الذين أمر المأمون، في سنة ثمان عشرة ومائتين، وإليه على بغداد، إسحاق ابن إبراهيم، بإشخاصهم إليه في الرقة لكي يمتحنهم ويأخذ إقرارهم على هذه المسألة، فلما أحضروا عند المأمون سألهم عن خلق القرآن فأجابوا جميعا أن القرآن مخلوق فأعادهم إلى مدينة السلام وشهر إسحاق بن إبراهيم أمرهم بحضرة الفقهاء والمشائخ من أهل الحديث، فأقروا بمثل ما أجابوا به المأمون، فَخَلّى سبيلهم (^٣)، وهذه
_________
(^١) حول هذه المسألة انظر كتاب السنة للإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل: ١/ ١٠٨ - ١٠٩، وللإمام البخاري رسالة في الرد على الجهمية بعنوان: خلق أفعال العباد.
(^٢) تاريخ الطبري: ٨/ ٦٣٣ والبداية والنهاية: ٢٧٣/ ١٠.
(^٣) تاريخ الطبري: ٨/ ٦٣٤ والكامل لابن الأثير: ٦/ ٤٢٣ والبداية والنهاية: ١٠/ ٢٧٢، والسبعة هم: محمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلم مستملي يزيد بن هارون، ويحيى بن معين، وزهير بن حرب أبو خيثمة، وإسماعيل بن داود، وإسماعيل بن أبي مسعود أبو إسحاق كاتب الواقدي، وأحمد بن الدورقي.
1 / 27