ولد بدمشق سنة (1241) ونشأ على طلب العلم، وتفقه على أبيه وجده فقيه عصره، وقرأ جانبا من فن الحساب على أبيه، واشتغل في الفرائض والحساب أيضا على العلامة فرضي دمشق الشيخ حسن الشطي، وطالع الربع والاسطرلاب وطرفا من الهندسة على الفاضل ميرزا جعفر العجمي، وقرأ طرفا من الهيئة على العلامة الشيخ محمد أكرم الهندي الأفغاني، وعلى القاضي محمد الجيلي. ورحل في شبابه إلى مصر، وأدرك العلامة الباجوري، وحضر دروسه. ولما عاد من الحجاز الفهامة الشيخ حامد العطار إلى مصر سنة (1260) أمر المترجم بالعود إلى دمشق لملاحظة شؤون جده المنوه به، وقد كان والده الشيخ علي توفي في حياة جده، فعاد إلى دمشق وتلقى جانبا من الحديث على جده وعلى مسند الشام الشيخ عبد الرحمن الكزبري، والشيخ حامد العطار المنوه به، وخدم المترجم في أمانة فتوى الشام مدة وفي تقسيم المواريث والمياه في الشام. وقرأ الدرس العام في الجامع الأموي، ورحل مع جده المذكور سنة (1263) إلى الآستانة لما دعي لحضور ختان أنجال السلطان عبد المجيد خان. وكان شيخ الإسلام عارف حكمت بك عرض على جده أن يدخل حفيده في سلك الموالي فلم يقبل. وله تصانيف مفيدة، منها «خلاصة الترجيح للدين الصحيح» طبع في مصر، و«مناسك الحج» وكتاب في فن المساحة وتحويل الأقيسة العتيقة إلى الأقيسة الجديدة مع تحويل الأكيال والأوزان. وابتكر طريقا سهلا لضرب الأقق والدراهم في الغروش والبارات، وطريقا سهلا لضرب الأذرع والقراريط أو الغروش والبارات في مثلها، وأودع ذلك كله ضمن رسالة. وفي سنة (1288) انتخب لإفتاء حوران فتقلده بمنشور من باب المشيخة بمعاش شهري قدره (475) قرشا ثم حول إلى (342). و[كانت] له وظيفة النظر في مقام الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، المدفون في غور بيسان، وهذه الوظيفة فخرية بدون معاش متوارثة من أسلافه. وكان قد اتخذ المترجم قرية طفس من حوران وطنا له، وكان يتردد إلى مركز المتصرفية بالشيخ سعد، ويأتي لدمشق كثيرا، وكان له أدب وافر في المحافل والمجالس، وقورا، متئدا في المحاورة. ولما رحلت إلى حوران في ذي الحجة سنة (1314) إجابة لدعوة أحد الأخصاء، وكان سبقني إليها سيدي الإمام الوالد قدس الله سره ، اجتمعت بالمترجم في المركز أياما عديدة، وكانت مجالسنا بالمذاكرات العلمية حميدة. ولما عزمنا على الرحلة منها ذهبنا إلى طفس ونزلنا في داره، وكان خطر لي لما أشرفت على بطاح طفس السندسية هذا المفرد:
يا نسيم الأنس من نحو طفس ... طاب من مسراك ذياك النفس
فأنشدته للمترجم وأشرت عليه بأن يذيله بأبيات من نظمه، فبعد وصولنا للوطن راسل سيدي الوالد عليه الرضوان بكتاب مطلعه المفرد المتقدم مع تذييله وهو:
Shafi 61