San Yatsan Abu al-Sin
سن ياتسن أبو الصين
Nau'ikan
برامج الإصلاح
قالت الكاتبة الصينية إميلي هاهن في كتابها عن أخوات سونج
The Soong Sisters : «إن سن ياتسن فصل في أيامه الأخيرة برامجه فبقيت بعده توراة لقومه، وإنها كما ينبغي لكل توراة صالحة أن «تزود» كل من شاء بالأفكار التي يرجع إليها، وتتنوع التنوع الكافي للاستشهاد بها على المذاهب المتقابلة، فالدكتور سن ياتسن يستشهد به اليوم على لسان كل أحد في الصين: على لسان شيان كاي شيك ووانج شنج وي، بل على ألسنة اليابانيين، فهم جميعا يغوصون في مبادئ الأمة الثلاثة ليخرجوا منها بالفكرة الملائمة.»
وأصابت الكاتبة البارعة، فإن وصايا سن ياتسن لهي في بابها توراة سياسية صينية بكل ما للتوراة من الخصائص في هذا الباب، فقد تحتدم المعركة الحامية لتقديم كلمة منها أو تأخيرها تأييدا لهذا الحزب أو تفنيدا لغيره، وهي كما قالت ترد على كل لسان حتى ألسنة اليابانيين.
وذلك حظ من القداسة لم يرزقه غير القليل من القدماء.
وليس هذا الحظ مقصورا على أقوال الزعيم في أيامه الأخيرة، فإن أقواله في بروسل - وهو دون الأربعين - قد أضيفت إلى مراجعه الأخيرة، فأصبحت مبادئ الشعب الثلاثة (سان مين شوآي) ومبادئ الدستور الخماسي (ووشوان هسين فا) أسفارا معتمدة من تلك التوراة الصينية، ولحقت بها من التعليقات مجلدات تتلوها مجلدات بغير انقطاع.
إن هذا الرجل الطموح كانت له غايته التي تتقاصر دونها الهمم منذ خطوته الأولى، فقد كان يناهز السادسة والعشرين يوم عقد العزيمة على «تجديد الصين » ولم يقصر جهده على إسقاط الأسرة المالكة أو تغيير أداة الحكم أو إعلان الجمهورية، فما كان شيء من ذلك في نظره إلا وسيلة إلى الغاية العظمى التي تهون في سبيلها الوسائل، بل تهون الغايات.
ومن مقاصده البعيدة ما لعله أجل شأنا من تجديد بلاده من الوجهة الاجتماعية أو السياسية، فإنه أراد أن يجدد «النفس» الصينية في إهابها العتيق، فطفق في سنواته الأخيرة يبدأ ويعيد حول معنى الفهم والعمل، ويؤكد حكمته العزيزة عليه، وهي الحكمة التي لخصناها بالكلمة الأولى من هذا الكتاب، وفحواها بمختلف العبارات وفي مختلف المعارض أن الفهم هو العسير، أما العمل فلا عسر فيه، وهذا ما أفاض في شرحه وسماه تدعيم النفس الصينية، فلم يكن يغنيه أن يتجدد بناء الصين دون بناء النفس الصينية على قوام جديد.
وفي أيامه الأخيرة ألف كتابه عن «تنمية» الصين بين الدول، وبسط فيه وجوه الإصلاح وجها وجها على أوسع ما استطاع من الإسهاب، ولم يقصد به أن يضعه على الأثر موضع التنفيذ العاجل، ولكنه علم أن تعمير البلاد - ولا سيما البلاد التي تشبه الصين اتساعا وازدحاما - عمل متداخل متشابك لا يرتجل قطعة بعد قطعة، ولن يفلح في هذا العمل من يبدؤه وهو لا ينظر عند ابتدائه إلى منتهاه، فبسط وجوه الإصلاح والتعمير ليحسب العاملون حسابها خطوة بعد خطوة، ومرحلة وراء مرحلة، وهذه الخطة العملية هي التي سماها خصومه حلما من أحلام الخيال.
ومن خصومه هؤلاء من هم خصوم فكرة أو خصوم مزاج لا يضمرون له العداء ولكنهم لا يطيقون أن يجروا معه في أشواط الحماسة الروحية، ومنهم من كتب إليه حين اطلع على مشروعاته يقدر له ملايين الأموال التي تتطلبها وعشرات السنين التي تستغرقها، كأنما هو قد بسط تلك المشروعات ليضرب عليها بعصا الساحر فيفتحها له «سمسم» تامة عامة في طرفة عين.
Shafi da ba'a sani ba