وكان أحمد ساخطا وإن بدا طبيعيا. أثاره زهو خاله ياسين كما أثاره تعليق والده، أما عبد المنعم فقد غطى ما كان ينتظره من وراء هذه الزيارة الجامعة على الغضب الذي كان خليقا أن يشتعل في صدره في ظروف أخرى. وكان يسترق النظر إلى وجه رضوان متسائلا عما وراءه، غير أن قلبه استبشر خيرا بالزيارة، فلعلها لم تكن تقع لولا أنها تحمل البشرى. وعاد ياسين يقول معلقا على كلام إبراهيم: لو سألتني عن رأيي لقلت لك نعم الولدان! ألم يقولوا في الأمثال: السلطان من ابتعد عن باب السلطان؟
كلا لم يفلح ياسين في مداراة سروره، كما لم يفلح في إقناع أحد بإيمانه بما قال، غير أن خديجة قالت مشيرة إلى رضوان: ربنا يطعمه خيرهم ويكفيه شرهم ..
وأخيرا التفت رضوان إلى عبد المنعم قائلا: أرجو أن أهنئك عما قريب ..
فتطلع إليه عبد المنعم متسائلا وقد تورد وجهه، فعاد رضوان يقول: وعدني الوزير بأن يعينك في إدارة التحقيقات ..
كانت أسرة خديجة تترقب على لهف هذا التقرير، فركزت أبصارهم في رضوان طالبة المزيد من التأكيد، فمضى الشاب يقول: أول الشهر القادم على أكثر تقدير.
وقال ياسين معقبا على قول ابنه: إنها وظيفة قضائية. لقد عين عندنا في إدارة المحفوظات شابان من حملة الليسانس في الدرجة الثامنة بثمانية جنيهات!
وكانت خديجة هي التي طلبت من ياسين أن يكلم ابنه بشأن عبد المنعم، فقالت في امتنان: الشكر لله ولك يا أخي (ثم وهي تلتفت إلى رضوان): وطبعا جميل رضوان فوق رءوسنا ..
وأمن إبراهيم على قولها قائلا: طبعا، إنه أخوه، ونعم الأخ.
وقالت زنوبة باسمة، لكي تخرج من هامش الجلسة: رضوان أخو عبد المنعم وعبد المنعم أخو رضوان، ما في ذلك كلام.
وتساءل عبد المنعم الذي كان يشعر بحياء لم يشعر به من قبل حيال رضوان: أعطاك كلمة جدية؟
Shafi da ba'a sani ba