كانت تحدق في وجهه غاضبة، وإذا بها تشعر بغتة بأنها رأت هذا الوجه من قبل، أو بمعنى أصح أنها رأت صورته الأولى قبل أن يعتورها تقدم السن، متى وأين؟ رباه إنه هو دون ريب، لم يكد يتغير كثيرا، واسمه؟ وقالت دون تردد: حضرتك كنت ضابطا بقسم الجمالية منذ عشرين عاما، بل منذ ثلاثين عاما لا أذكر الزمن بالضبط ...
فرفع المأمور إليها عينين متسائلتين، وردد إبراهيم شوكت ناظريه بينهما متسائلا كذلك. وإذا بها تقول: اسمك حسن إبراهيم، أليس كذلك؟ - حضرتك تعرفينني؟
فقالت برجاء: أنا بنت السيد أحمد عبد الجواد وأخت فهمي أحمد الذي قتله الإنجليز أيام الثورة، ألا تذكره؟
فلاحت الدهشة في عيني المأمور وتمتم بصوت مهذب لأول مرة: رحمه الله رحمة واسعة ...
فقالت برجاء أشد: أنا أخته فهل ترضى لبيتي هذه البهدلة؟
فأشاح المأمور عنها بوجهه وهو يقول كالمعتذر: إننا ننفذ الأوامر يا هانم. - ولكن لماذا يا حضرة المأمور، نحن أناس طيبون!
فقال المأمور برقة: نعم، ولكن ليس كذلك نجلاك ...
فهتفت خديجة باضطراب: إنهما ابنا أخت صديقك القديم!
فقال المأمور دون أن ينظر نحوهما: إننا ننفذ أوامر الداخلية. - لم يفعلا شيئا ضارا، إنهما ولدان طيبان وأقسم لك على ذلك ...
وعاد الجنود والمخبرون إلى الصالة دون أن يعثروا على شيء فأمرهم المأمور بمغادرة الشقة، ثم التفت إلى الزوجين الماثلين أمامه وقال: أبلغنا عن اجتماعات مريبة تعقد في شقتيهما ... - هذا كذب يا حضرة المأمور! - أرجو أن يكون الأمر كذلك، لكنني مضطر الآن إلى القبض عليهما وسوف يبقيان حتى يتم التحقيق معهما، ولعل العاقبة أن تكون سليمة.
Shafi da ba'a sani ba