وقد قيل فى المضلات المخيلة ما قد قيل. — فأما التبصير بالكذب وأنسياق القول إلى شىء غير محدود (وهو الضرب الثأنى من بغية المشاغبين): فأنما يعرض أكثر ذلك من السؤال ومن الفحص بأية حال تكون المسئلة، إذا لم تكن عن موضع محدود كانت داعية إلى هذه ومثلها، من اجل أنهم إذا قالوا شيئا باطلا غذا لم يكن على شىء موضوع محدود أو الجواب كثيرا بعد أن يكون المقول عليه محدودا والجواب مظنونا، فذلك يجعل سبيلا لأنسياق الكلام إلى الكذب وإلى غير محدود من الجواب. أو سئل أحد فأثبت أو نفى، فقد يستطيع أن يسوق القول إلى ما ذكرنا من المتسع؛ إلا أنه بعد إثباته أو نفيه أقل مقدرة على التضليل والفكر فى القول منه أولا. فقد يطالب من فعل هذا الفعل فيسأل عما صار إليه أخيرا وما زال عنه ما كان من ابتداء به. فالأصل الذى يصير منه الإنسان إلى الكذب أو إلى غير المحدود من القول ألا نجعل مسئلته من أول افتتاح كلامه عن موضوع مفرد، بل يكون نائيا عن مسئلته وهو محتاج إلى التعليم: وفى الفكر ما يظهر به كذب الكاذب.
ومن أجل ذلك وجب لهذا الموضوع أن يكون من مذاهب السوفسطائيين لأنه يسوق إلى المتسع فى الكلام. وقد يكون فى مثل هذا الفعل صواب وغير صواب كالذى قيل أولا.
وإن أراد أحد أيضا أن يقول بقول غير محمود فقد يوجد مثل هذا فى كل فن من الفنون.
Shafi 861