Sudan
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Nau'ikan
وفي 9 ديسمبر 1894 أرسل رياض باشا إلى السير إيفلن بارنج مذكرة قال فيها:
لا يستطيع أي إنسان أن ينازع في أن النيل هو حياة مصر. وهذه حقيقة واضحة كل الوضوح لا تحتاج إلى مناقشة. وحيث إن النيل هو السودان فلا جدال في أن العلاقات والروابط التي تربط مصر بالسودان لا يمكن أن تقبل أي انفصال. وما مثلها في هذا التماسك إلا كمثل العلاقة التي تربط الروح بالجسد، وإذا تمكنت دولة من الاستيلاء على منابع النيل فإن هذا الاستيلاء يكون بمثابة حكم الإعدام على مصر.
فمن هذا كله يتبادر إذن إلى كل ذهن أن حكومة سمو الخديوي لا ترضى قط بحال من الأحوال باختيارها وبدون أن تكون مكرهة إكراها بمثل هذا التهجم على وجودها.
13
وفي الكتاب الأزرق الذي أصدره اللورد سالسبوري سنة 1898 عن مسألة فاشودة كتاب من بطرس باشا غالي وزير الخديوي قال فيه:
إن حكومة الخديوي - كما تعرف سيادتكم - لم يغب عن نظرها في حين من الأحيان العودة إلى استئناف احتلال الإقليم السودانية التي هي مصدر الحياة ذاتها لمصر. ومصر لم تنسحب من تلك الأقاليم إلا عقيب ظروف قوة قاهرة، وإن استعادة الخرطوم تفقد الغاية منها إذا لم يعد إلى مصر وادي النيل الذي ضحت مصر في سبيله الضحايا العظيمة.
ولمعرفة الحكومة المصرية أن مسألة فاشودة في هذا الأوان هي موضوع المكالمة بين بريطانيا العظمى وفرنسا، فهي «الحكومة المصرية» تكل إلي أن أطلب من سيادتكم أن تتفضلوا بحسن الوساطة لدى اللورد سالسبوري ليتم الاعتراف لمصر بحقوقها التي لا تقبل نزاعا، ولكي تعاد إليها الأقاليم التي كانت تحتلها حتى قيام ثورة محمد أحمد.
14
هذا وفي نظر أوربا ذاتها لم تفتأ تلك الأقاليم السودانية - التي تركت تركا موقوتا - معتبرة مصرية.
وإنا لنورد دليلا على صحة ذلك تصريحات عظماء الإنكليز ذاتهم بصدد حادثة فاشودة والمعاهد الإنكليزية الطليانية 1891-1894. (1)
Shafi da ba'a sani ba