بحوث في تاريخ السنة المشرفة
بحوث في تاريخ السنة المشرفة
Mai Buga Littafi
بساط
Lambar Fassara
الرابعة
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
هذا أنه كثر الكذب على علي في تلك الأيام١ ولكن هذا لا يعني أن سائر الأحاديث كانت تروى باسانيد تامة، فالصحابة لم يلتزموا ذكر إسناد الحديث عندما لا يكون الصحابي قد سمع الحديث من النبي ﷺ مباشرة بل من صحابي آخر وقد صرح بذلك قول البراء "ما كل ما نحدثكم عن رسول الله ﷺ سمعناه منه، منه ما سمعناه منه، ومنه ما حدثنا أصحابنا ونحن لا نكذب"٢ فهم إذا لم يكونوا يميزون بين ما نقلوه عن النبي مباشرة وما نقلوه عنه بواسطة من سمعه منه من الصحابة لعدم إسنادهم للحديث وقد علل البراء ذلك بعدم وقوع الكذب على النبي ﷺ من قبل أصحابه فكان الصحابي يستمع الحديث من صحابي آخر فكانه سمعه بأذنيه من النبي ﷺ. ومع وثوق الناس بالصحابة فقد كانوا يسألونهم أحيانا عن إسناد أحاديثهم، ولكن السؤال عن الإسناد في البدء لم يكن مستساغا بل قد يكون مدعاة لغضب الصحابي "وكان أنس بن مالك إذا سئل عن حديث أسمعه من رسول الله ﷺ يغضب ويقول ما كان بعضنا يكذب على بعض"٣، وقد ازداد السؤال عن الإسناد في جيل التابعين فسئل الحسن البصري "ت١١٠هـ" عن إسناد مراسيله "قال رجل للحسن إنك تحدثنا فتقول قال رسول الله ﷺ ولو كنت تسند إلى من حدثك؟ فقال له أنا والله ما كذبنا ولا كذبنا، ولقد غزوت غزوة إلى خراسان ومعنا ثلثمائة من أصحاب محمد"٤، فالحسن البصري اعتذر عن عدم إسناده لحديثه بأنه تلقى ذلك عن الصحابة الكثيرين الذين لقيهم وهم أهل صدق وورع وما داموا جميعا لا يكذبون فإن عدم ذكرهم لا يقلل من أهمية الرواية.
_________
١ شرح علل الترمذي ٨٢-٨٣ ط. د. عتر.
٢ ابن عدي: الكامل ١/ ٥٠ ب. وقول البراء هذا من طريق الأعمش عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء، والسبيعي مدلس من الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين عند الحافظ ابن حجر وقد عنعن، وكذلك الأعمش فإنه مدلس. وله شاهد من حديث أنس رواه ابن عدي في الكامل ١/ ٢٤٨ "ط. صبحي البدري" وفي إسناده أحمد بن الحارث بن مسكين أنكر عليه الطحاوي روايته عن أبيه، وهذه الرواية مما رواه عن أبيه.
٣ ابن الصلاح: مقدمة/ ٣٨ والعراقي: فتح المغيث ١/ ١٢٥.
٤ ابن عدي. الكامل ١/ ٥١ ب.
1 / 49