ورسائل قطع العداة سحاءها ... فرأوا قنًا وأسنة وسنورًا ١
وهل هو إلا كلام وقد ترى تفصيله إياه بالقنا والسنور وقد قال الأول:
والقول ينفذ مالا تنفذ الإبر
وقال آخر٢:
فإن القوافي يتلجن موالجا ... تضايق عنها أن تولجها الإبر
وهذا كله إنما أوردته نصرا لنطقهم بتكلم مثقل العين على لفظ المبالغة ولم يستعملوه على وجهين مخففًا ومثقلًا.
فيقال لأبي طالب. إن كنت أوردت ما ذكرته عن سيبويه على وجه الإستدلال به فلا حجة فيه لأنا لسنا نخالفك في هذه المسألة وحدك وإنما نخالف فيها سيبويه وغيره من النحويين الذين ذهبوا إلى أن الكلام هو المفيد دون غيره. وكيف يكون قول خصومنا علينا حجة من غير أن يعتمدوا إلا على نفس الدعوى فإن ذهب إلى أن قول سيبويه وأمثاله في هذا وأمثاله حجة واستكره الإفصاح بخلافه. قلنا: إن كان هذا لحسن الظن به فذلك أليق بالمتكلمين الذين هم أصحاب التحقيق والكشف عن أسرار المعلومات وغوامض الأشياء وعللهم هي الصحيحة المستمرة الجارية على منهج واضح وسبيل مستقيم. وإنما غيرهم بالإضافة إليهم خابط عشواء وحاطب ليل. فإن جاز الاعتصام بتقليد سيبويه كان الاعتصام بالدخول في شعب هؤلاء أحرى وأولى. وأن قيل أن أتباع النحويين في مثل هذا الباب أسوغ لأنهم أهل هذا الشأن وأرباب هذه الصناعة قلنا: إنما يجب إتباعهم فيما
_________
١ السحاء ما يشد به الكتاب والرسالة والسنور أي الدروع.
٢ طرفة بن العبد.
1 / 37