ولما جعل العهد لابنه ، ولقبه المفوض ، وجعله هو بعده ، اشتد ذلك عليه ، وقوي بغضه لابنه ، وزاد حقده على آخيه المعتمد واعتقد فيه ، متى ظفر بالامر ، التشفى منه ، وبلوغ كل مكروه به وكان ، لعمري ، المعتمد بالله منحل الامرجدا ، لانه كان رجلا متشاغلا بملاذ نفسه ، وطيبة عيشه بالصيد واللعب ، والتفرد مع الجواري ، فكانت الأمورضائعة ، والتدبير فاسدا ، وكل متقلد لعمل قد فاز بما يتقلده، ففعل كفعلة [الرشيد ] بابنيه المأمون ومحمد بن زيدة، احتياطا وإشفاقا عليهما، ولم يعلم أن ذلك كان منه لثقته بابنيه على نفسه وحاله ، فقدر ذلك في أخيه وولده ، ولم يعلم مافي ضميره له وأنه يخرج عن طاعته ، ولا يشكر جميله عنده وإنما وقع الخلاف بين محمد بن زبيدة وبين المامون لنقص محمد عن محل المأمون في نفسه وشجاعته وفضله في كل فن منسائر العلوم .
ولقد عاتبت زبيدة الرشيد على تفضيله المامون على ابنها فقال لها : الساعة أبين لك فضل كل واحد ، فوجه إلى ابنها ، وقد مضى من اليل وقت ، يدعوه إليه ، فوافاه وعليه ثياب المنادمة مبخرا مطيبا فقال له : اشتقت إلى رويتك فسقاه بيده قدحا ، ووهب له من جوهر كان بين يديه جوهرة واحدة حسنة وصرفه ، ووجه إلى المامون يدعوه فابطا ، ثم سمع بعد ذلك للدار ضجة عظيمة ، وجلبة هائلة ، تم
Shafi da ba'a sani ba