(1)
(مؤلفون جمعوا بين السيرة والتاريخ) :
وثم مؤلفون آخرون، وصلوا سيرة الرسول بما بعدها من الحوادث والأخبار، في الأزمان التي تعاقبت، والسنين التي توالت، فجاءت سيرة الرسول في كتبهم أمرا غير مقصود لذاته: بل حلقة من حلقات التاريخ العام الذي بدأه بعضهم من بدء الوجود، كابن جرير الطبري، وبدأه فريق آخر بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم كالإمام الحافظ أبى شجاع شيرويه صاحب كتاب رياض الأنس، المتوفى سنة 509 ه.
سيرة ابن إسحاق
(سبب وضع سيرة ابن إسحاق) :
كان ابن إسحاق من بين أعلام القرن الثاني، وكان له علمه الواسع، واطلاعه الغزير في أخبار الماضين، وشاءت المقادير أن يدخل ابن إسحاق على المنصور ببغداد -وقيل بالحيرة-وبين يديه ابنه المهدي، فقال له المنصور: أتعرف هذا يا بن إسحاق؟قال: نعم، هذا ابن أمير المؤمنين، قال: اذهب فصنف له كتابا منذ خلق الله تعالى آدم عليه السلام إلى يومك هذا.
فذهب ابن إسحاق، فصنف له هذا الكتاب، فقال له: لقد طولته يا بن إسحاق، اذهب فاختصره. فاختصره، وألقى الكتاب الكبير في خزانة أمير المؤمنين[1].
ولكن بعض الدارسين يرى أن ابن إسحاق لم يؤلف كتابه بأمر من الخليفة[2]، ولا في بغداد أو الحيرة، وإنما ألفه في المدينة قبل إقامته لدى العباسيين. ويستدل على ذلك بأن جميع من روى عنهم مدنيون ومصريون وليس فيهم أحد من العراق، وأن إبراهيم بن سعد تلميذه المدني روى الكتاب عنه. بل نرى في الكتاب حوادث ما كان العباسيون ليرضوا عنها، مثل اشتراك العباس مع الكفار في غزوة بدر، وأسر المسلمين إياه، ذلك الخبر الذي حذفه ابن هشام بعد خوفا من العباسيين.
[ (1) ]يظن أن من النسخة الأصلية، رواية ابن إسحاق، نسخة في مكتبة كوبريلى بالآستانة.
[ (2) ]انظر كتاب المغازي الأولى ومؤلفوها لهورفتس، ترجمة الدكتور حسين نصار ص 64 وما بعدها.
Shafi 10