إخواني، إذا كان الموت قادما لابد من قدومه، وهاجما لاريب في هجومه، ولذات الدنيا مشوبة بالأكدار، والمقصود بنا غير هذه الدار، فما لنا لانزهد في ملابسها الدنية، ونرغب عن مطاعمها المطلية من المرارة بعين (1) القطران، ونصاحب فيها الشظف والقشف، ونباين منها التحف والطرف، ونعرف أنها لاتدوم لها لذة وأن سبيلنا فيها سبيل من قد مضى حذو القذة بالقذة أين المتشبهون بالصدر الأو ل ؟أين المقتدون بالسلف الأفضل ؟.
إخواني، إنما السعيد فيها من اتخذ الصوف رياشه والشجر معاشه وبعد عن الضوضاء وخلى الناس وأمرهم في رضا، واعتصم بالخلوات وأنس بالوحوش في الفلوات، وكان سراجه القمر وفراشه التراب والمدر.
إخواني، هذه رتبة شريفة ودرجة منيفة لسنا من أهلها، ولكن (إخواني)(2)لنأتي أدون مراتب الزهادة وأخفض درجات العبادة، (نتجمل بالملابس ونترك)(3) ما لا بأس (فيه حذرا مما به البأس)(4) ونزم الألسنة عن نزغات فلتاتها، (ونخفض)(5) الجوارح من نزوات هفواتها ونتشبه بطرف من طرائق الصالحين.
هذه نصيحتي لكم، ولكن لاتحبون الناصحين.
Shafi 307