Shuyuciyya Wa Insaniyya
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Nau'ikan
أو استبداد الطبقة الأجيرة إلا مرتين في رسائل «ماركس» الخصوصية، أما الكتب والبرامج المسهبة، فكل ما ورد فيها بيان عن حالة الحكومة بين قيام الثورة واستقرارها، وأهمه ما جاء في برنامج مؤتمر جوثا،
2
وقصد به «ماركس» إلى التوفيق بين الفوضوية التي ترفض الحكومة في جميع العهود، ونظام الشيوعية الذي يترخص في إقامة الحكومة لحراسة النظام الجديد ريثما تنتظم الأحوال بعد إلغاء الطبقات.
وقد ختمت رسالة المادية الماركسية في القرن التاسع عشر، وهي لا تجرؤ على المساس بالحرية الفردية، ولا تمس مطالب الفرد إلا حيث تستطع أن تمشي في جوار فكرة من أفكار العصر المقبولة، أو مبدأ من مبادئه المحبوبة.
فالحملة على احتكار الثورة لم تكن غريبة على الأسماع، حيث تنهال الحملات كل يوم على احتكار السلطة واحتكار السيادة بأنواعها وألوانها.
والرجوع بكل شيء إلى حقوق الأمة في المسائل الاقتصادية لم يكن غريبا على الأسماع، حيث ترجع الحقوق السياسية جميعا إلى الأمة، ويتسع نطاق النيابة عن الأمة في شتى طبقاتها.
والحتمية التاريخية لم تكن غريبة عن الأحاديث الشائعة حول نواميس الكون وقوانين الطبيعة، أو إجراء كل شيء في العالم على سنة عامة لا تسمح بالشذوذ في عظيم أو دقيق من أحوال الحركة والسكون بين السماوات والأرضين.
والتشهير بالمال والتهافت عليه لم يصدم أحدا في الجيل الذي جاء بعد ثلاثة أجيال أو أربعة، تسمع عن أصحاب الأموال كل مذمة ومنقصة، وتتلقى من منابر الوعظ أو منابر الفلاسفة المبشرين بالطوبيات سوء النذير من جراء الجشع والتكالب على الحطام. وقد كانت الطوبيات تتبع بعضها بعضا في إنجلترا وإيطاليا وألمانيا منذ عهد «توماس مور» الإنجليزي إلى عهد «جوهان فالنتين» الألماني إلى عهد «شامبنلا» الإيطالي، إلى غيرهم من أصحاب البشائر الاجتماعية المجمعين على تدنيس الطمع، وتبشير المحرومين بالراحة والرزق الخفيض، وقد بدأ عصر الطوبيات في القرن السادس عشر، واستمر بعده إلى القرن العشرين، واقترن به عند نهاية القرن الثامن عشر عصر البرامج الاجتماعية، التي كان من روادها السابقين «بابوف» الفرنسي و«روبرت أوين» الإنجليزي، ورواد علم الاقتصاد وعلم الاجتماع بين أمم الحضارة الأوربية، وليس فيهم من كان يذكر الطمع في الأموال بغير المذمة والتشهير.
هذه النواحي من الفردية المعيبة هي النواحي التي اختارتها المادية التاريخية للتسلل من خلالها إلى عقول أبناء القرن التاسع عشر، ولا نقول للهجمة عليها، فما كان بمذهب المادية التاريخية من حاجة إلى الهجمة على قواعد الاحتكار، ولا إلى الهجمة في مجال البحث عن نواميس الكون وقوانين الطبيعة، إذ كان «العقل العصري» يثور قبلها على السلطة المحتكرة، والقوة المحتكرة، والثروة المحتكرة، والمزايا المحتكرة جميعا؛ لأنها في جملتها عدوان على حرية الأفراد، ولا نبتعد بالكلمات عن معانيها إذا قلنا: إن البحث عن النواميس الكونية كان في لبابه ثورة على رجال «الكهنوت»، الذين احتكروا العلم بأسرار الكون، فجاء «العقل المصري» منكرا لهذا الاحتكار مذيعا لأسرار الكون على السواء بين جميع القادرين على استطلاع تلك الأسرار.
ولقد كانت فلسفة الماديين - على هذا - تسللا إلى العقول في موضوع الحقوق الفردية، ولم تكن هجوما يصدم تلك العقول، إلا أنها تسترت بكراهة الاحتكار لتقول بكراهة الامتياز كيفما كان، وجعلت الفرد كبيرا أو صغيرا لغوا أو كاللغو في حركة التاريخ، وليس لفكرة من أفكارها الفلسفية معنى مفهوم إن لم يكن معناها إلغاء الفرد بالقول الصريح.
Shafi da ba'a sani ba